جبير عن ابن عباس: يعني الطائفة التي كفرت في زمن عيسى، والتي آمنت في زمان عيسي، وذلك أن عيسى عليه السلام لما رفع إلى السماء تفرقوا ثلاث فرق:
فرقة قالوا: كان الله فارتفع.
وفرقة قالوا: كان ابن الله فرفعه الله إليه.
وفرقة قالوا: كان عبد الله ورسوله فرفعه إليه، وهو المسلمون.
واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس، واجتمعت الطائفتان الكافرتان على الطائفة المسلمة فقتلوهم وطردوهم وظهر أمرهم فلم يزالوا كذلك حتى بعث الله محمدا -صلى الله عليه وسلم- فاقتتلوا، فظهرت المؤمنة على الكافرة، فذلك قوله تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (١).
قال مجاهد: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} يعني من أَتبع عيسى (٢). ونحو هذا قال المقاتلان (٣).
وعلى هذا القول معنى الآية أن من آمن بعيسى ظهروا على من كفر به، وأصبحوا عالين على أهل الأديان.
وقال إبراهيم: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد -صلى الله عليه وسلم- عيسى كلمة الله وروحه (٤).
(١) أخرجه ابن جرير ٢٨/ ٦٠، ولم يذكر قتالهم بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- بل قال: فأصبحوا ظاهرين في إظهار محمد دينهم على دين الكفار .. وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٣٩، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ٣١٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٦٢.
(٢) انظر: "تفسير مجاهد" ٢/ ٦٧٢، و"جامع البيان" ٢٨/ ٦٠ و"الدر" ٦/ ٢١٤.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٤ ب، و"التفسير الكبير" ٢٩/ ١٣٩.
(٤) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ٦٠، و"زاد المسير" ٨/ ٢٥٦.