والشمس تكون بدلًا عنه (١).
والذي إلى غير بدل قولهم: نَسَختِ الريحُ الأثرَ، أي: أبطلتها وأزالتها.
وهذا المعنى هو المراد بالآية (٢).
ثم النسخ في القرآن على ضروب: منها: ما يكون حكمه مرفوعًا، وخطُّه مثبت يتلى ويقرأ، ولا يعمل به، وهذا هو المعروف من النسخ؛ أن تكون الآية الناسخةُ والمنسوخةُ جميعًا ثابتتين في التلاوة وفي خط المصحف، إلا أن المنسوخة منهما غيرُ معمولٍ بها ثابت، فينسخ التلاوة بثابت التلاوة (٣)، وذلك مثل:
عِدّة المتوفى عنها زوجها، كانت سنّةً لقوله: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} البقرة: ٢٤٠ ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر؛ لقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} البقرة: ٢٣٤ (٤).
ومثل هذا أيضا قوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} الأنفال: ٦٥ الآية، ثم نسخت بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} الأنفال: ٦٦.
ومنها: أن ترفع تلاوتها وحكمها، كنحو ما يُرْوَى عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال: كنا نقرأ: (لا ترغبوا عن آبائكم إنه كفر) (٥).
(١) ساقطة من (ش).
(٢) ينظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ١٤، "تفسير الطبري" ١/ ٤٧٥، "المحرر الوجيز" ٤٢٨ - ٤٣١، "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥ - ٦١.
(٣) (بثابت التلاوة) ساقطة من (ش).
(٤) سيأتي بيان حقيقة النسخ في هذه الآية عند "تفسيره".
(٥) الحديث أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص ١٩٣، وأبو داود الطيالسي ص ١٢ عن عمر بن الخطاب، ونقله السيوطي عنه في "الإتقان" ٣/ ٧٤، وانظر: "كنز العمال" ٢/ ٢٨٥، وذكره في "الحجة" ٢/ ١٨٠، وينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٥٥ - ٥٦، وأخرجه ابن الضريس عن ابن عباس كما في "الدر المنثور" ١/ ١٩٧ - ١٩٨.