كان مضارعًا مرفوعًا لا يكون إلا فعلَ حالٍ، ويجيء على ضربين.
أحدهما: أن يكون السبب الذي أدى إلى (١) الفعل الذي بعد حتى قد مضى، والفعلُ المُسَبِّبُ لم يمضِ، ومثال ذلك قولهم: مرض حتى لا يرجونه، وشَرِبَتِ الإبلُ حتى يجيء البعير يَجُرُّ بَطْنَه، وتتجه الآية على هذا الوجه، كأن المعنى: زلزلوا فيما مضى حتى إن الرسول يقول الآن: متى نصر الله، وحُكِيَتْ الحالُ التي كَانوا عليها، كما حكيت الحال في قوله: {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّه} القصص: ١٥ وفي قوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} الكهف: ١٨.
والوجه الآخر من وجهي الرفع: أن يكون الفعلان جميعًا قد مضيا،
نحو: سِرتُ حتى أدخُلُها، والدخول متصل بالسير بلا فصل، كما (كان) (٢)
في الوجه الأول بينهما فصل، والحال في هذا الوجه أيضًا محكية، كما كانت محكية (٣) في الوجه الآخر، ألا ترى أن ما مضى لا يكون حالًا؟ وحتى إذا رُفِعَ الفعل بعدها حرفٌ، يصير الكلام بعدها إلى الابتداء، وليست العاطفةَ ولا الجارةَ، وهي إذا انتصب الفعلُ بعدها الجارةُ للاسم، وينتصب الفعل بعدها بإضمار (أن) كما ينتصب بعد اللام بإضمارها (٤).
واعلم أن (حتى) على ثلاثة أضرب:
أحدها: أن تكون جارة نحو {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} القدر: ٥، وهذه (٥)
(١) (إلى) ساقطة من (أ) و (ش) و (ي).
(٢) في (ش): (قال).
(٣) ليست في (أ) (م).
(٤) "الحجة" ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧، وينظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٣٢، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٠٤ - ٣٠٦، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٧٣٠.
(٥) (وهي) في (ي).