أحدهما: أن المراد منه تحقيق الإضافة؛ لأن ذكر الوجه يرفع الإبهام أنه له ولغيره، وذلك أنكَ لمَّا ذكرتَ الوجه ومعناه النفس، دل على أنك تصرِف الوهم عن الإشراك إلى تحقيق الاختصاص، فكنت بذلك محققًا للإضافة ومزيلًا لإبهام الشركة.
القول الثاني: أنك إذا قلت: فعلته لوجه زيد، كان أشرفَ في الذكر من: فعلتُه له، لأن وجه الشيء في الأصل أشرف ما فيه، ثم كثر حتى صارَ يدل على شرف الذكر في الصفة فقط من غير تحقيق وجه، ألا ترى أنك تقول: وجه الدليل كذا، وهذا وجه الرأي، ووجه الأمر، فلا تريد تحقيق الوجه، وإنما تريد أشرف ما فيه، من جهة شدةِ ظهورِهِ وحسن بيانه.
وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} أي: يوفِّر لكم جزاءه، قال ابن عباس: يريد: يجازيكم في الآخرة (١).
وإنما حسن {إِلَيْكُمْ} مع التوفية؛ لأنها تضمنت معنى التأدية (٢).
{وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئًا، كقوله تعالى: {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} الكهف: ٣٣، يريد: لم تنقص (٣) (٤).
٢٧٣ - قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ} الآية. قال المفسرون: هؤلاء فقراء المهاجرين، كانوا نحوًا من أربعمائة رجل، لم يكن لهم مساكنُ بالمدينة ولا عشائر، حثّ الله عز وجل الناس (٥) على الإنفاق
(١) ذكره في "الوسيط" ١/ ٣٨٨. وهذه الرواية تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.
(٢) "تفسيرالثعلبي" ٢/ ١٦٦٠.
(٣) في (ي): (ولم تنقص)، وهي ساقطة من (م).
(٤) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٦٠.
(٥) سقطت من (ش).