الله جل وعز بعدهم، فإذا آمنوا بهم، لزم أُمَمَهم الاقتداءُ بهم، والسلوكُ لمنهاجهم.
وجواب آخر من طريق اللفظ (١)، وهو: أن يكون المراد: وإذ أخذ ميثاق أممِ النَّبِيِّين وأتباع النَّبِيِّين، شَرط عليهم أنبياؤُهم أن يؤمنوا بكل نَبِيٍّ يبعثه الله عز وجل ولا يكذبوه، ولا يدخلوا في جملة أعدائه، وأخذوا بذلك عهودهم، فقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ}، وهو يريد: ميثاقَ تُبّاع النَّبيين، فحَذَف المضاف.
وقال صاحب النظم: معنى النَّبِيِّين ههنا: معنى أُمَمِهم، وصار ذكرهم كالقبيلة للأمم، كما يقال: قَيْس، وتَمِيم، وبَكْر، وهي أسماء رجال بأعيانهم، نُسِب أولادهم إليهم، فصاروا قبائل.
ومنه قول الشاعر:
أتَسأَلُني السويَّةَ وَسْطَ زَيْدٍ ... ألا إنَّ السَّوِيَّةَ أنْ تُضامُوا (٢)
فـ (زيد) ههنا قبيلة لأصحابه؛ لذلك قال: (وَسْطَ زيد).
وقوله تعالى: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}.
إن قيل: ما معنى: أخْذَ ميثاق النبيين بِنُصْرَةِ مَن لم يَلْقَوْهُ، ولم يدركوا زمانَه؟.
قلنا: قد بَيَّنّا (٣) أن المراد بـ {النَّبِيِّينَ}: أتباعهم وأممهم. فعلى هذا؛
(١) وهذا الجواب قد ذكره الفارسي في "الحجة" ٣/ ٦٨، وإنما ذكر المؤلف معناه هنا.
(٢) البيت ورد في "اللسان" ٤/ ٢١٦٢ (سوا)، ونسبه إلى البراء بن عازب الضَّبِّي. و (السَّويِّة، والسواء): العدل، والنَّصفَة. وقوله: (تُضامُوا) من: (ضامَهُ حقَّهُ)، (يَضيمُه، ضَيْما)؛ أي: انتقصه حقه، وظلمه. انظر: "اللسان" ٤/ ٢١٦٢ (سوا)، ٥/ ٢٦٢٩ (ضيم).
(٣) (قد بينا): ساقط من: (ج).