قال ابن عباس في هذه الآية: "يريد الغنائم" (١).
وقوله تعالى: {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ}.
يعني: ثوابًا كثيراً لمن ترك قتل من ألقى إليه السلم (٢).
وقوله تعالى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}.
قال الحسن وابن زيد: كنتم كفارًا مثلهم، فمن الله عليكم فهداكم (٣).
وهذا اختيار الزجاج، لأنه قال: أعلم الله أن كل من أسلم ممن كان كافرًا فبمنزلة هذا الذي تعود بالإسلام، فقال جل وعز {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} بالإسلام، وبأن قبل ذلك منكم على ما أظهرتم (٤). هذا كلامه.
وظاهر قوله: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} يوهم أن المقتول كان كافرًا، وليس الأمر على هذا، وإنما التشبيه وقع لحال كفرهم بحال كفر المقتول قبل إسلامه، ثم منَّ الله عليهم بالإسلام كما من على المقتول وقَبِلَ منه ظاهر الإسلام، فيجب أن يقبلوا هم بظاهر
(١) جاء معناه في أثر طويل عن ابن عباس أخرجه الطبري ٥/ ٢٢٣ من طريق العوفي، وأخرجه ابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٥٦.
(٢) من "الكشف والبيان" ٤/ ١٠٥ ب، وانظر: الطبري ٥/ ٢٢١.
وقيل: غنائم كثيرة في الدنيا مما أذن الله فيه وأباحه. انظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٧٩، و"زاد المسير" ٢/ ١٧٢.
(٣) أخرجه بنحوه عن ابن زيد الطبري ٥/ ٢٢٦، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ١٧٢، وأما عن الحسن فقد ذكره الهواري في "تفسيره" ١/ ٤١٣.
وقد ورد مثل هذا القول عن قتادة، ومسروق. انظر: "زاد المسير" ٢/ ١٧٢، و"الدر المنثور" ٢/ ٣٥٨ - ٣٥٩.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٩٢.