فوقع الإثم في هذه الآية على المسروق، كما وقع عليه في قوله: {اسْتَحَقَّا إِثْمًا} المائدة: ١٠٧، فإذا كان كذلك جاز أن يكون التقدير: ومن يكسب ذنبًا فيما بينه وبين الله سبحانه، أو ذنبًا هو من مظالم العباد. فهما جنسان، فجاز دخول (أو) في الكلام.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ}: فلان، المعنى: ثم يرم بأحد هذين، أو يكون عاد الذكر إلى الإثم وحده، كما عاد إلى التجارة في قوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} الجمعة: ١١.
وهذا الذي ذكره أبو علي موافق لما ذكرنا من تفسير الآية.
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يعود الذكر إلى الكسب، أي: يرم بكسبه بريئًا. فدل يكسب على الكسب فكنىَّ عنه.
قال: ويجوز أن تكون الهاء راجعة إلى معنى الخطيئة والإثم، فكأنه قال: ومن يكسب ذنبًا ثم يرم به بريئًا (١).
وذكرنا معنى الخطيئة في قوله: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} البقرة: ٨١.
١١٣ - قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} قال ابن عباس في رواية عطاء: بالنبوة والعصمة (٢).
وقال الكلبي: بالنبوة، وبنصرك بالوحي، لهمَّت (٣).
وقال الفراء والزجاج: المعنى: لقد همَّت فأضمرت (٤).
(١) لم أقف على قول ابن الأنباري.
(٢) انظر: "زاد المسير" ٢/ ١٩٦.
(٣) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٦.
(٤) هذا نص قول الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٢٨٧، أما الزجاج فهذا معنى كلامه في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٤، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١١٨ ب.