وقال أبو إسحاق: المعنى: قوموا بالعدل واشهدوا الله (١) بالحق، وإن كان الحق على نفس الشاهد، أو على والديه، أو أقربيه (٢).
وقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} اسم كان مضمر، على تقدير: إن يكن المشهود عليه ومن يخاصم غنيًا أو فقيرًا (٣).
قال ابن عباس: يقول: لا تُحابوا غنيًا لغناه، ولا ترحموا فقيرًا لفقره (٤).
قال عطاء: يريد يكونون عندكم سواء، لا تحيفوا على الفقير، ولا تُعظِّموا الغني، وتمسكوا عن القول فيه (٥).
يريد: يكون شأنكم العدل والصدق في القريب والبعيد، والغني والفقير.
وقوله تعالى: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} ولم يقل به وكان الغنى والفقر صفة مشهود عليه واحد، لأن المعنى: فالله أولى بكل واحد منهما.
قال الزجاج: أي: إن يكن المشهود عليه غنيًّا فالله أولى به، وكذلك إن يكن المشهود عليه فقيرًا فالله أولى به (٦). فجمعهما في الكناية لهذا المعنى.
ومعنى: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} أي: أعلم بهما منكم؛ لأنه يتولى علم أحوالهما من الغنى والفقر.
وهذا معنى قول الحسن: الله أعلم بغناهم وفقرهم (٧).
(١) في "معاني الزجاج": لله , وهو الأظهر.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١١٨، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٢٢.
(٣) انظر: الطبري ٥/ ٣٢٣، و"معاني الزجاج" ٢/ ١١٨، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٦٠، و"زاد المسير" ٢/ ٢٢٢.
(٤) "الكشف والبيان" ٤/ ١٣١ ب.
(٥) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٢٢.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١١٨، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٢٢.
(٧) انظر: "تفسير كتاب الله العزيز" ١/ ٤٣٠، و"معالم التنزيل" ٢/ ٢٩٨.