وأما من قال: إنه إذا كفر ثانيًا أخذ بالأول، فقد غلط (١)، لأنه صار بالإيمان كمن لم يكفر، كما أن التائب من الذنب صار كمن لا ذنب له، فلا يؤاخذ به بعد أن ارتفع حكمه، كما لا يؤاخذ بما لم يعمله وإن عزم على عمله.
وقال الكلبي: "لم يكن الله ليغفر لهم ما أقاموا على ذلك" (٢).
وذلك أن الله تعالى أخبر أنه يغفر كفر الكافر إذا انتهى، فإذا أطلق القول بأنه لا يغفر لهم على (٣) أن المراد به ما أقاموا عليه.
وقوله تعالى: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} قال الكلبي وغيره: سبيل هدى (٤). وقال الزجاج: معنى {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين (٥).
وفي هذا دليل على أن الله تعالى لم يهد الكافر إلى الإيمان، خلافًا لقول القدرية (٦).
١٣٨ - قوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
قال المفسرون: إن المنافقين كانوا يتولون اليهود فألحقوا بهم في التبشير بالعذاب (٧).
(١) هذا الحكم فيه نظر؛ لأنه تقدم الحديث الصحيح الذي يدل على أن من كفر بعد إسلامه، أخذ بالأول والآخر.
(٢) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٢٥، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٠.
(٣) هكذا في المخطوط، ولعلها: عُلم.
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٣ أ، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٠.
(٥) "معانى القرآن وإعرابه" ٢/ ١٢٠.
(٦) انظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٣ ب، والقرطبي ٥/ ٤١٦.
(٧) انظر: "تفسير الهواري" ١/ ٤٣١، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٣٣ ب.