قال المفسرون: الذي نزّل في النهي عن مجالستهم ما نزل بمكة من قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} الآية الأنعام: ٦٨ وكان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود، فيسخرون من القرآن ويكذبون به فنهى الله عز وجل المسلمين (١).
وقوله تعالى: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا} أي إذا سمعتم الكفر بآيات الله والاستهزاء بها , ولكن أوقع فعل السماع على الآيات والمراد بالسماع الاستهزاء (٢).
قال الكسائي: وهو كمال تقول العرب: سمعت عبد الله يُلام، وأتيت عبد الله يُلام، إنما سمع اللوم فأوقع على الملوم (٣).
وقوله تعالى: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}.
أي يأخذوا في حديث غير الكفر والاستهزاء، فكنى عنه لأن الفعل يدل على المصدر.
وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}، قال ابن عباس: "يريد إنكم كافرون مثلهم" (٤).
وهذا دليل على الوعيد لمن رضي بحالهم وما هم عليه من الكفر والاستهزاء (٥)، أو من رضي بالكفر فهو كافر، ويدل على أن من رضي بمنكر وخالط أهله وإن لم يباشر ذلك كان في الإثم والمعصية بمنزلة
(١) من "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٤ أبتصرف، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٩٨، والبغوي ٢/ ٣٠١، و"الكشاف" ١/ ٣٠٥، و"زاد المسير" ٢/ ٢٢٨، و"الدر المنثور" ٢/ ٤١٥.
(٢) انظر: القرطبى ٥/ ٤١٧، ٤١٨.
(٣) لم أقف عليه عن الكسائي، وانظر: القرطبي ٥/ ٤١٨.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) انظر: الطبري ٥/ ٣٣٠.