قيل: إنه قد يمكن أن يظلموا بضروب كثيرة، منها: المُثلة، وقتل الأولاد صبرًا لاغتمام الآباء، وترك قبول الإسلام منهم، ونحو ذلك مما هو محرم في الدين (١). وقد ذكرنا ما في هذا في أول السورة.
وقوله تعالى: {اعْدِلُوا} أي: في الولي والعدو (٢).
{هُوَ أَقْرَبُ} أي العدل، ودل عليه الفعل كقولهم: من كذب كان شرًا، أي كان الكذب شرًا.
ومعنى {أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي: أقرب إلى أن تكونوا متقين باجتناب جميع السيئات، وأقرب لاتقاء النار (٣).
٩ - قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}.
موضع (لهم) يجوز أن يكون نصبًا لوقوعه مع المغفرة موقع المفعول الثاني للوعد، كما قال:
وَجَدنا الصَّالِحِين لهم جزاءٌ ... وجناتٍ وعينًا سلسبيلا (٤)
فوقع: لهم جزاء موقع المفعول الثاني، ولذلك عطف عليه بالنصب.
ويجوز أن يكون الموعود به محذوفًا على تقدير: وعدهم الحسنى، ثم استأنف (لهم)، فيكون موضعه رفعًا بالاستئناف، وهو مع ذلك قال على
(١) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٢٠، و"الكشاف" للزمخشري ١/ ٣٢٦.
(٢) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٤٢، و"زاد المسير" ٢/ ٣٠٧.
(٣) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٠٧.
(٤) البيت لعبد العزيز بن زرارة الكلابى كما في "الكتاب" ١/ ٢٨٨، وهو من "شواهد المقتضب" ٣/ ٢٨٤.
ومعنى سلسبيلا: قال الراغب: أي سهلًا لذيذًا سلسًا، وقيل: هو اسم عين في الجنة. وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قولهم: سل سبيلا، نحو الحوقلة والبسملة ونحوهما. "المفردات" / ٢٣٧ (سل).