وقال قتادة: لما ذكر نقضهم العهد وتركوا ما أمروا به دعاهم على إثر ذلك إلى الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - (١).
وقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ}.
قال عطاء عن ابن عباس: يريد تكتمون مما في التوراة والإنجيل (٢). وقال ابن عباس: أخفوا منه الرجم وأمر محمد وصفته (٣).
قال أهل المعاني: وهذا بيان لإعجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث اطلع على أسرارهم وبين ما أخفوه من غير قراءة كتبهم، فوجب الإيمان به (٤).
وقوله تعالى: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}. قال ابن عباس: يتجاوز عن كثير، فلا يخبرهم بكتمانه (٥).
فإن قيل على هذا: ما وجه بيان بعضه وترك بعضه؟
قيل: إنه بين ما فيه دلالة على نبوته من صفاته ونعته والبشارة به، وما يحتاج إلى علمه من غير ذلك مما تتفق له الأسباب التي يحتاج معها إلى استعلام ذلك، كالذي اتفق له في الرّجم، وما عدا هذين مما ليس في تفصيله فائدة فيكفي ذكره في الجملة (٦).
(١) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٦٠، و"الدر المنثور" ٢/ ٤٧٥.
(٢) لم أقف عليه من رواية عطاء، وانظر: "الوسيط" ٣/ ٨٣٨، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٠.
(٣) أخرجه بمعناه الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٦١، والحاكم ٤/ ٣٥٩، وقال: هذا صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٤٧٥.
(٤) انظر: "الكشاف" ١/ ٣٢٩، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ١١٨
(٥) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣١٦، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٠.
(٦) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣١٦، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ١١٨.