وحكى بعض المفسرين أنهم أرادوا بقولهم: {وَرَبُّكَ} أخاه هارون، قال: وكان أكبر من موسى (١).
والظاهر أنهم قالوا هذا جهلًا منهم، وفسقوا بذلك؛ لأن الله تعالى قال في هذه القصة: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}، يريدهم (٢).
قال الزجاج: أعلم الله تعالى أن أهل الكتاب لم يزالوا غير قابلين من الأنبياء قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الخلاف شأنهم (٣).
٢٥ - قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي}. يقول: لم يطعني منهم إلا نفسي وأخي.
قال أهل المعاني: تأويله أنه لا يملك إلا تصريف نفسه في طاعة الله؛ لأن نفسه (لا تكون (٤)) في حكم المملوك له (٥).
وذكر أبو إسحاق في إعراب قوله: {وَأَخِي} وجهين:
أحدهما: أن يكون رفعًا من جهتين: الأولى: أن يكون نَسَقًا على موضع (إني)، المعنى: أنا لا أملك إلا نفسي وأخي كذلك، ومثله قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} التوبة: ٣، والثانية: أن يكون عطفًا على الضمير في (أملك) وهو: أنا، والمعنى: لا أملك أنا وأخي إلا أنفسنا.
والوجه الثاني: أن يكون (أخي) في موضع نصب من جهتين: إحدهما: أن يكون نسقًا على الياء، المعنى: إني وأخي لا نملك إلا
(١) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٢٨، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ١٢٨، و"البحر المحيط" ٣/ ٤٥٦.
(٢) انظر القرطبي في "تفسيره" ٦/ ١٢٨.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٦٣.
(٤) لعل الصواب: تكون بدون لا، مع أن لا غير واضحة في (ج).
(٥) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٨٠.