رضي لله عنه- فتلك إنما نُسِخت بسنة أخرى من عنده، فنسخت الثانية الأولى (١). وهذا أيضًا قول سعيد بن المسيب والسدي في نزول الآية (٢).
قال عبد الله بن مسلم (٣): المحاربون لله ورسوله هم الخارجون على جماعة المسلمين، يخيفون السبل، ويسعون في الأرض الفساد (٤).
فمعنى: {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أي يعصونهما ولا يطيعونهما، وكل من عصاك فهو حرب كذلك.
وقوله تعالى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}.
قال مجاهد: هو الزنا والسرقة وقتل النفس وإهلاك الحرث والنسل (٥).
وقال الكلبي: يعني بالقتل وأخذ الأموال (٦).
قال العلماء: وكل من أخذ السلاح على المسلمين في أي موضع كان وكيف ما كان، في البلد أو الصحراء، أو للقتل اغتيالًا، فهو محارب لله ورسوله، فدخل المكابر في البلد في هذه الجملة.
وهذا قول مالك والأوزاعي ومذهب الشافعي (٧) -رضي الله عنه-،
(١) انظر البغوي في "تفسيره" ٣/ ٤٨.
(٢) أخرج الأثر عن السدي: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٠٨.
(٣) ابن قتيبة.
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٩٩.
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢١١، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٤٩٤، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٦) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٣.
(٧) انظر: "الأم" ٦/ ١٥٢، والطبري في "تفسيره" ٦/ ٢١٠، "النكت والعيون" ٢/ ٣٣، "الوسيط" ٣/ ٨٦٥، ٨٦٦، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٤٨، "زاد المسير" ٢/ ٣٤٦، ٣٤٧.
وقال ابن الجوزي: ظاهر كلام أصحابنا أنه لا يثبت لهم ذلك في المصر.