فيكون موضعه رفعًا على قول أهل التفسير، ويجوز على قول أهل المعاني: أن يكون {يُحَرِّفُونَ} حالًا من الضمير في اسم الفاعل؛ كأنه: سماعون محرفين للكلم، أي: مقدرين تحريفه، يعني: أنهم يسمعون كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقدرون مع (١) أنفسهم تحريف ما يسمعون، فيكون كقولهم: معه صقر صائدًا به غدًا، وكقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} المائدة: ٩٥ (٢).
وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ}.
من باب حذف المضاف؛ لأن التقدير: من بعد وضعه مواضعه، أي: وضع الله، على قول أهل التفسير (٣).
وعلى قول أهل المعاني (٤): من بعد وضع النبي كلامه مواضعه.
وقوله تعالى: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا}.
يقول ذلك يهود خيبر ليهود المدينة: إن أمركم محمد بالجلد فاقبلوه، {وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ} يعني: الجلد فاحذروه (٥).
قال الزجاج: أي إن أُفتِيتم بهذا الحكم المحرف فخذوه، وإن أفتاكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير ما حددنا لكم فاحذروا أنه تعملوا به (٦).
قال المفسرون: وذلك أنهم كانوا بعثوا الزانيين إلى يهود المدينة ليسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حدهما، وقالوا: إن أفتاكم بالجلد فخذوه (٧) واجلدوا
(١) لعل الصواب: في.
(٢) "الحجة" ٢/ ٣٦.
(٣) تقدم هذا القول قريبًا.
(٤) تقدم قريبًا.
(٥) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٣٦ - ٢٣٧، "بحر العلوم" ١/ ٤٣٧.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٧٥.
(٧) في (ش): (فخذوا).