وانتقالهم عما قالوه أولا إلى آخر.
والمعنى: أنهم قالوا في القرآن قول متحير قد بهره ما سمع؛ فمرة يقول: سحر، ومرة يقول: شعر، ومرة يقول: افتراء، لا يجزم على أمر واحد (١).
وقوله تعالى: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} قال ابن عباس: مثل الناقة التي أتى بها صالح، والعصا التي أتى بها موسى (٢).
قال أبو إسحاق: فاقترحوا الآيات التي لا يقع معها إمهال إذا كُذّب بها (٣).
وفي الآية حذف يدل عليه الكلام، على تقدير: كما أرسل الأولون بالآيات.
٦ - فقال الله تعالى مجيبا لهم: {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ} قبل (٤) مشركي مكة {مِنْ قَرْيَةٍ} يعني أهلها {أَهْلَكْنَاهَا} وصفٌ للنكرة التي هي قرية (٥).
والمعنى: ما آمنت (٦) قرية مهلكة بالآيات المرسلة {أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} يعني: أنَّ الأمم التي أهلكناها بتكذيبها بالآيات لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم، فكيف يؤمن هؤلاء؟
ووجه الاحتجاج عليهم من هذه الآية هو أن مجيء الآيات لو كان
(١) ذكر الطوسي في "التبيان" ٧/ ٢٠٣ - ٢٠٤ هذا المعنى من غير نسبة لأحد.
(٢) ذكره الألوسي في "روح المعاني" ١٧/ ١١. وروي الطبري ١٧/ ٤ عن قتادة نحوه.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٣/ ٣٨٤.
(٤) في (د)، (ع): (من).
(٥) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية ١٠/ ١٢٦، "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري ٢/ ١٣٠.
(٦) في (أ)، (ت): (ما أتت).