احتجاج من وجه آخر وهو (١) قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أي: بينتكم (٢) على ما تقولون من جواز اتخاذ إله سواه.
{هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} (٣) يعني القرآن يقول: فيه خبر (٤) من معي على ديني ممن يتبعني إلى يوم القيامة بما لهم من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية.
{وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} من المفسرين من يجعل هذا أيضًا من صفة القرآن يقول: معناه: وخبر من قبلي من الأمم السالفة وما فعل الله بهم في الدنيا وما هو فاعل بهم في الآخرة. وهذا مذهب السدي والكلبي (٥).
وعلى هذا المعنى: أنه لما طالبهم بالبرهان على ما هم عليه من الشرك أمره أن يذكر لهم برهانه على ما هو عليه من التوحيد وهو القرآن الذي فيه ما تحتاج إليه هذه الأمة من الأحكام مع أخبار الأمم السالفة.
وقال ابن عباس -في رواية عطاء- في قوله: {وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي}: يريد التوراة والإنجيل وما أنزل الله من الكتب (٦).
وهذا القول هو اختيار الزجاج وعبد الله بن مسلم (٧) وصاحب النظم.
والمعنى على هذا القول: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} هذا القرآن وهذه
(١) (وهو): ساقط من (د)، (ع).
(٢) في (ت): (بينكم).
(٣) موضع هذا بياض في (ت).
(٤) في (ت): (خير).
(٥) ذكره الرازي ٢٢/ ١٥٨ عن السدي، ونسبه أيضًا لسعيد بن جُبير وقتادة ومقاتل. ولم أجد من ذكره عن الكلبي وقد روى الطبري ١٧/ ١٥ هذا المعنى عن قتادة.
(٦) ذكره البغوي ٥/ ٣١٤ من رواية عطاء، عن ابن عباس.
(٧) هو ابن قتيبة، وقوله في كتابه "غريب القرآن" ص ٢٨٥.