فأجابوه بأنَّهم وجدوا آباءَهم يعبدونها، فاقتدوا بهم وقلدوهم في عبادتها، فأجابهم إبراهيم بأنَّهُم -في تقليد الآباء- وآباءهم (١) كانوا في ضلال مبين بعبادة الأصنام. وهذا الذي ذكرنا معنى
٥٣ - ٥٥ - قوله: {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا} إلى قوله: {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ} يعنون: أجاد أنت فيما تقول محق (٢)، أم أنت لاعب مازح؟ وهذا جهل منهم إذ تخيلوا المحق لاعبًا هازلاً، فأجابهم إبراهيم بما يزيل تخيلهم ويدلهم على أن المستحق للعبادة هو الله لا الصنم.
٥٦ - وهو قوله تعالى: {قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} أي: على أنه ربكم ورب السموات والأرض.
٥٧ - قوله تعالى: {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} معنى الكيد: ضر الشيء بتدبير عليه (٣) {بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} تنطلقوا ذاهبين.
قال المفسرون: كان لهم في كل سنة مجمع وعيد، فقالوا لإبراهيم: لو خرجت معنا إلى عيدنا (٤) أعجبك ديننا (٥).
فقال إبراهيم -سِرًّا من قومه (٦) -: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ} الآية.
(١) في (أ): (آباؤهم)، وفي (د)، (ع): (آباءهم). والعبارة في "الوسيط" ٣/ ٢٤١: فأجابهم إبراهيم بأنهم فيما فعلوه وآباءهم كانوا في ضلال مبين. وعند ابن الجوزي ٥/ ٣٥٧: فأجابهم بأنهم فيما فعلوا وآباءهم في ضلال مبين.
(٢) في (د)، (ع): (بحق).
(٣) في "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٣٢٧ (كيد). الكيد: التدبير بحق أو باطل. وانظر (كيد) في: "الصحاح" ٢/ ٥٣٣، "لسان العرب" ٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤.
(٤) في (ع): (دينا)، وهو خطأ.
(٥) الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٠ ب بنصه عن السدي. والله أعلم بصحة ذلك.
(٦) في (ع): (قوطه).