{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ {٢٨} فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ {٢٩} هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ {٣٠} } يونس: ٢٨-٣٠ قوله: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} يونس: ٢٨ قال ابن عباس، ومقاتل: ويوم نجمع المشركين وشركاءهم، والكفار وآلهتهم، {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ} يونس: ٢٨ ، قال الزجاج: مكانكم منصوب على الأمر، كأنهم قيل لهم: الزموا أنتم وشركاؤكم مكانكم حتى نفصل بينكم.
ومعنى وشركاؤكم أي: الذين جعلتموهم شركاء في العبادة، فَزَيَّلْنَا فرقنا وميزنا بينهم، قال المفسرون: فرقنا بين المشركين وبين شركائهم من الآلهة والأصنام، وذلك حين تبرأ كل معبود من دون الله ممن عبده.
وهو قوله: {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} يونس: ٢٨ قال ابن عباس: أنكروا عبادتهم.
وذلك أن الله تعالى ينطق الأوثان فتقول: ما كنا نشعر بأنكم إيانا تعبدون.
فَكَفَى بِالله الآية، هذا كلام معبوديهم لما تبرأوا منهم قالوا: يشهد الله على علمه فينا، ما كنا عن عبادتهم إلا غافلين، لأنه لم تكن فينا روح وما كنا نسمع ولا نبصر.
هُنَالِكَ أي: في ذلك الوقت، تَبْلُو تختبر، {كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} يونس: ٣٠ قدمت من خير أو شر، وذلك أن من قدم خيرا أو شرا جوزي عليه، فيختبر الخير ويجد ثوابه، ويختبر الشر ويجد عقابه، وقرئ: تتلو بتاءين، ومعناه: تقرأ كتابها، وما كتب من أعمالها التي قدمتها، {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ} يونس: ٣٠ إلى حكمه، فينفرد فيهم بالحكم، مَوْلاهُمُ الْحَقِّ الذي يتولى ويملك أمرهم، وَضَلَّ أي: وزال وبطل، {عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} يونس: ٣٠ في الدنيا من التكذيب.
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ {٣١} فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ {٣٢} كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {٣٣} قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {٣٤} قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {٣٥} وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ {٣٦} } يونس: ٣١-٣٦ قوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} يونس: ٣١ يريد: من ينزل القطر من السماء ويخرج النبات من الأرض؟ {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ} يونس: ٣١ أي: من يملك خلق السمع والأبصار، {وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} يونس: ٣١ أي: المؤمن من الكافر، والنبات من الأرض، والإنسان من النطفة، والطير من البيضة، والسنبلة من الحب، والنخلة من النواة،