صَادِقِينَ {٣٨} بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ {٣٩} وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ {٤٠} وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ {٤١} وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ {٤٢} وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ {٤٣} إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {٤٤} وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ {٤٥} } يونس: ٣٧-٤٥ قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْءَانُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} يونس: ٣٧ هذا جواب لقولهم: {ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا} يونس: ١٥ وأن مع يفترى بمنزلة المصدر يعني: وما كان هذا القرآن افتراء من دون الله، {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} يونس: ٣٧ ولكن كان تصديق ما قبله من الكتب، وأخبار الأمم والأنبياء الماضين، وهذا احتجاج عليهم بأن القرآن من عند الله بتصديقه الذي بين يديه، وقوله: وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ وتبيين ما في الكتاب من الحلال والحرام والفرائض والأحكام، ثم احتج عليهم بأن يأتوا بمثله إن كان مفترى، فقال: أَمْ يَقُولُونَ بل: أيقولون يعني المشركين: {افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يونس: ٣٨ ادعوا إلى معاونتكم من المعارضة كل من تقدرون عليه، {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} يونس: ٣٨ في أنه افتراء، وهذا كقوله في { البقرة: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ} سورة البقرة: ٢٣ .
قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} يونس: ٣٩ أي: بما في القرآن من الجنة والنار والبعث والقيامة والثواب والعقاب، {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} يونس: ٣٩ لم يأتهم بعد حقيقة ما وعدوا في الكتاب مما يئول إليه أمرهم من العقوبة، {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يونس: ٣٩ أي: بالبعث والقيامة، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} يونس: ٣٩ يعني: كان عاقبتهم العذاب والهلاك بتكذيبهم.
قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ} يونس: ٤٠ وهذا إخبار عما سبق في علم الله تعالى، قال الكلبي: نزلت في أهل مكة.
{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ} يونس: ٤٠ قال عطاء: يريد المكذبين وهذا تهديد لهم.
{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي} يونس: ٤١ الآية: قال مقاتل، والكلبي: هذه الآية منسوخة بآية الجهاد.
قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} يونس: ٤٢ قال ابن عباس: نزلت في المستهزئين كانوا يستمعون إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للاستهزاء والتكذيب، فلم ينتفعوا باستماعهم.
قال الله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ} يونس: ٤٢ قال الزجاج: أي: ظاهرهم ظاهر من يستمع، وهم لشدة عداوتهم بمنزلة الصم.
{وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ} يونس: ٤٢ يريد: أنهم أشد من الصم لأن الصم لهم عقول وقلوب، وهؤلاء قد أصم الله قلوبهم.
أخبر الله تعالى أن هؤلاء بمنزلة الصم الجهال، إذ لم ينتفعوا بما سمعوا.
قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} يونس: ٤٣ قال ابن عباس: يريد: متعجبين منك، {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ} يونس: ٤٣ يريد: أن الله تعالى قد أعمى قلوبهم، فلا يبصرون شيئا من الهدى، كما قال: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ} الحج: ٤٦ الآية، قال الزجاج: ومنهم من يقبل عليك بالنظر وهو