وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ {٥٤} قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ {٥٥} وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {٥٦} وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {٥٧} } يوسف: ٥٤-٥٧ {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} يوسف: ٥٤ أجعله خالصا لي لا يشركني فيه أحد فَلَمَّا كَلَّمَهُ قال الكلبي: لما صار يوسف إلى الملك، وكان في ذلك الوقت ابن ثلاثين سنة، فلما رآه الملك حدثا شابا قال للساقي: أهذا يعلم من تأويل رؤياي ما لم يعلمه السحرة ولا الكهنة؟ قال: نعم.
فأقبل على يوسف، وقال: إني أحب أن أسمع تأويل رؤياي منك شفاها، فأجابه يوسف بما شفاه وشهد قلبه بصحته، فعند ذلك قَالَ له الملك {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} يوسف: ٥٤ قال ابن عباس: يريد مكنتك في ملكي، وجعلت سلطانك فيه كسلطاني، وائتمنتك فيه.
وقال الزجاج: أي: قد عرفنا أمانتك وبراءتك مما قذفت به.
ولما عبر يوسف رؤيا الملك بين يديه قال له الملك: فما ترى أيها الصديق؟ قال: أرى أن تزرع في هذه السنين المخصبة زرعا كثيرا، وتبني الأهرام وتجمع فيها الطعام ليأتيك الخلق من النواحي فيمتارون منك لحكمك، ويجتمع عندك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد قبلك، فقال الملك: ومن لي بهذا؟ ومن يجمعه، ويكفي الشغل فيه؟ فقال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} يوسف: ٥٥ يعني: أرض مصر إِنِّي حَفِيظٌ لما وليت عَلِيمٌ بأمره.
قاله قتادة، وقال السدي: حفيظ للحساب عالم بالألسن.
وذلك أن الناس كانوا يفدون على الملك من كل ناحية، ويتكلمون بلغات مختلفة، فقال له الملك: ومن أحق به منك؟ فولاه ذلك كله.
٤٧٦ - أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، نا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، نا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَحِمَ اللَّهُ أَخِي يُوسُفَ، لَوْ لَمْ يَقُلِ: اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ لَوَلَّاهُ مِنْ سَاعِتِه، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ ذَلِكَ عَنْهُ سَنَةً "