لأن ما وقى من الحر وقى من البرد، فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر للعلم به، وقوله: {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} النحل: ٨١ يعني دروع الحديد تقيكم شدة الطعن والضرب والرمي، كَذَلِكَ مثل ما جعل لكم هذه الأشياء وأنعم بها عليكم، {يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} النحل: ٨١ يريد نعمة الدنيا، لأن الخطاب لأهل مكة، يدل على هذا قوله: {لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} النحل: ٨١ قال ابن عباس: لعلكم يا أهل مكة تعلمون أنه لا يقدر على هذا غيره فتوحدوه وتصدقوا رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ {٨٢} يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ {٨٣} وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ {٨٤} وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ {٨٥} وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ {٨٦} وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ {٨٧} الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ {٨٨} } النحل: ٨٢-٨٨ فإن تولوا أعرضوا عن الإيمان، فإنما عليك يا محمد، البلاغ المبين عليك أن تبلغ الرسالة وتبين الدلالة، وهذا تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} النحل: ٨٣ قال السدي: يعني محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واختاره الزجاج، فقال: يعرفون أن أمر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق ثم ينكرون ذلك.
وقال الكلبي: قروا بأن ما ذكر من النعم في هذه ال { كلها من الله، ولكنهم قالوا بشفاعة آلهتنا.
واختاره الفراء، فقال: وإذا قيل لهم: من رزقكم.
قالوا: الله.
ثم يقولون بشفاعة آلهتنا فيشركون، فذلك إنكارهم نعمته، وأكثرهم الكافرون قال الحسن: وجميعهم كفار.
فذكر الأكثر والمراد به الجميع.
قوله: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} سورة النحل: ٨٤ يعني يوم القيامة نبعث الأنبياء ليشهدوا على الأمم بما فعلوا من التصديق والتكذيب، {ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} النحل: ٨٤ في الكلام والاعتذار، {وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} النحل: ٨٤ ولا يطلب منهم أن يرجعوا