حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {١١٥} وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ {١١٦} مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {١١٧} } النحل: ١١٤-١١٧ فكلوا يا معشر المؤمنين، {مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} النحل: ١١٤ من الغنائم، حلالا طيبا وهذه الآية والتي بعدها مفسرة في { البقرة.
قوله: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} سورة النحل: ١١٦ أي: لأجل وصفكم الكذب، والمعنى أنكم تحلون وتحرمون لأجل الكذب لا لغيره، فليس لتحليلكم وتحريمكم معنى إلا الكذب فقط، والمعنى: لا تفعلوا ذلك، والإشارة بقوله: {هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} النحل: ١١٦ إلى ما كانوا يحلونه ويحرمونه، قال ابن عباس: يعني قولهم: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} الأنعام: ١٣٩ .
وقوله: {لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} النحل: ١١٦ هو أنهم كانوا ينسبون ذلك التحريم والتحليل إلى الله، ويقولون إنه أمرنا بذلك، ثم أوعد المفتري، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} النحل: ١١٦ .
وبين أن ما هم فيه من نعيم الدنيا يزول عن قرب، فقال: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} النحل: ١١٧ قال الزجاج: متاعهم متاع قليل.
يعني ما يتمتعون به، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النحل: ١١٧ في الآخرة.
قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {١١٨} ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ {١١٩} إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {١٢٠} شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {١٢١} وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ {١٢٢} ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {١٢٣} إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ {١٢٤} } النحل: ١١٨-١٢٤ {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} النحل: ١١٨ تقدم ذكره في { الأنعام في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} سورة الأنعام: ١٤٦ الآية، وما ظلمناهم بتحريم ما حرمنا عليهم، {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} النحل: ١١٨ بالبغي والمعاصي.
ثم ذكر المغفرة لمن تاب بعد المعصية، فقال: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} النحل: ١١٩ قال مجاهد: كل من عمل بمعصية الله فذلك منه جهل حتى يرجع.
وقال السدي: كل من عصى الله فهو جاهل.
وهذا كقوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} النساء: ١٧ قال ابن عباس: يريد بالسوء الشرك.
{ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} النحل: ١١٩ السوء، وأصلحوا قال: آمنوا، وصدقوا، وقاموا لله تعالى بفرائضه.
{إِنَّ رَبَّكَ مِنْ