رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {٦٦} وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا {٦٧} أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلا {٦٨} أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا {٦٩} } الإسراء: ٦٦-٦٩ {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي} الإسراء: ٦٦ أي: يسوق ويسير حالا بعد حال، {لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} الإسراء: ٦٦ فِي طلب التجارة، {إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} الإسراء: ٦٦ قال ابن عباس: يريد بأوليائه وأهل طاعته.
وهذا الخطاب خاص للمؤمنين.
ثم خاطب المشركين، فقال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ} الإسراء: ٦٧ يعني خوف الغرق، {فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ} الإسراء: ٦٧ أي زال وبطل من تدعون من الآلهة إلا الله تعالى، قال ابن عباس: نسيتم اتخاذ الأنداد والشركاء وتركتموهم وأخلصتم لله، فلما نجاكم من الغرق والبحر، {إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} الإسراء: ٦٧ عن الإيمان والإخلاص وكان الإنسان يعني الكافر، كفورا لنعمة ربه.
ثم بين أنه قادر أن يهلكهم فِي البر، فقال: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} الإسراء: ٦٨ أي: يغيبكم ويذهبكم فِي جانب البر، وهو الأرض، يقال: خسف به الأرض، أي: غاب به فِيها، أخبر الله تعالى أنه كما قدر أن يغيبهم فِي الماء قادر أن يغيبهم فِي الأرض، وقوله: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} الإسراء: ٦٨ عذابا يحصبكم، أي: يرميكم بالحجارة، والحصب الرمي، ويقال للريح التي تحمل التراب والحصاء: حاصب.
{ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلا} الإسراء: ٦٨ قال قتادة: مانعا ولا ناصرا.
{أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ} الإسراء: ٦٩ فِي البحر، تارة مرة أخرى، {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا} الإسراء: ٦٩ كاسرا، من الريح والقصف الكسر بشدة، وأراد ههنا ريحا شديدة تقصف الفلك، وهو قوله: {فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ} الإسراء: ٦٩ بكفركم، حيث سلمتم ونجوتم فِي المرة الأولى، ويقرأ قوله: أن يخسف وأخواته من الأفعال بالياء والنون، والمعنى واحد، وكل حسن، وتؤكد النون قوله: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} الإسراء: ٦٩ قال الزجاج: لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم.
وهذا معنى قول المفسرين: لا برا ولا ناصرا، وتبع بمعنى تابع.
قوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا {٧٠} يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا {٧١} وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا {٧٢} } الإسراء: ٧٠-٧٢ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} الإسراء: ٧٠ قال ابن عباس: فضلنا كقوله: {هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} الإسراء: ٦٢ والمعنى: فضلناهم بالعقل والنطق والتمييز.
وقال عطاء: بامتداد القامة.
وروى ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال: ليس من دابة إلا وهي