سئل عن المهل، فدعا بذهب وفضة، فخلطهما، فأذيبا، حتى إذا أزبدا وانماعا، قال: هذا أشبه شيء فِي الدنيا بالمهل الذي هو شراب أهل النار ".
وهذا القول اختيار الزجاج، فقال: إنهم يغاثون بماء كالرصاص المذاب، أو الصفر، أو الفضة.
وقوله: {يَشْوِي الْوُجُوهَ} الكهف: ٢٩ قال ابن عباس: يشويها حتى يسقط لحمها فِيهِ.
ثم ذمه، فقال: {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ} الكهف: ٢٩ النار، {مُرْتَفَقًا} الكهف: ٢٩ أي: منزلا ومقرا ومجلسا، ومعنى المرتفق فِي اللغة ما يرتفق به، ثم يسمى الدار والمنزل مرتفقا لأنه مما يرتفق به.
ثم ذكر ما وعد المؤمنين، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} الكهف: ٣٠ أي: لا نترك أعمالهم تذهب ضياعا، بل نجازيهم بالأعمال الصالحة.
قوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} الكهف: ٣١ قال الزجاج: أساور جمع أ { ، وأسورة جمع سوار، هو زينة تلبس فِي الزند من اليد، وهو من زينة الملوك، يسور فِي اليد ويتوج على الرأس.
قال سعيد بن جبير: يحلى كل واحد منهم ثلاثة من الأساور، واحد من فضة، وواحد من ذهب، وواحد من لؤلؤ ويواقيت.
وروى أبو هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «لو أن أدنى أهل الجنة حلية، عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا، لكان ما يحليه الله به فِي الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا» .
وقوله: وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} سورة الكهف: ٣١ قال المفسرون: السندس نمارق من الديباج، والإستبرق ما غلظ منه، وهو اسم أعجمي، أصله الفارسية استبر، فنقل إلى العربية، وقوله: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ} الكهف: ٣١ الاتكاء التحامل على الشيء، نحو التوكؤ، ومنه قوله تعالى: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} طه: ١٨ والأرائك جمع أريكة، وهو سرير فِي حجلة، قال ابن عباس، ومجاهد: الأرائك السرر فِي الحجال، وهي من ذهب مكللة بالدر والياقوت.
{نِعْمَ الثَّوَابُ} الكهف: ٣١ قال ابن عباس: طاب ثوابهم وعظم.
{وَحَسُنَتْ} الكهف: ٣١ الأرائك، {مُرْتَفَقًا} الكهف: ٣١ موضع ارتفاق، بمعنى اتكاء.
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا {٣٢} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا {٣٣} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا {٣٤} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا {٣٥} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا {٣٦} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا {٣٧} لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي