وقال الحسن: قالوا سمعنا بألسنتهم، وعصينا بقلوبهم.
والمفسرون اتفقوا على أنهم قالوا: سمعنا لما أظل الجبل فوقهم، فلما كشف عنهم قالوا: عصينا.
وقوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} البقرة: ٩٣ الإشراب: خلط لون بلون، يقال: أبيض مشرب حمرة، إذا كان يخالطه حمرة.
قال أبو عبيدة، والزجاج: معناه: سقوا حب العجل، وخلطوا به حتى اختلط بهم.
وبين أن محل ذلك الحب قلوبهم، وأن الخلط حصل فِيها، فأسند الفعل أولا إلى الجملة، ثم خص القلوب، كما تقول: ضربوا على رءوسهم، وأراد: حب العجل، فحذف المضاف، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يوسف: ٨٢ .
وقوله تعالى: بِكُفْرِهِمْ أي: باعتقادهم التشبيه، لأنهم طلبوا ما يتصور فِي نفوسهم.
{قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} البقرة: ٩٣ معناه: إن كنتم مؤمنين فبئس الإيمان إيمان يأمركم بالكفر.
وهذا تكذيب لهم، لأنهم كانوا يزعمون أنهم مؤمنون، وذلك أنهم قالوا: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} البقرة: ٩١ فكذبهم الله تعالى وعيرهم بعبادة العجل، وذلك أن آباءهم ادعوا الإيمان ثم عبدوا العجل.
{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {٩٤} وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ {٩٥} وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ {٩٦} } البقرة: ٩٤-٩٦ وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ} البقرة: ٩٤ الآية، كانت اليهود تقول: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا} البقرة: ١١١ فقيل لهم: إن كنتم صادقين عند أنفسكم فتمنوا الموت فإن من كان لا يشك فِي أنه صائر إلى الجنة فالجنة آثر عنده من الدنيا.