وزوجه يكونون عنده لا عند غيره.
وقوله: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} الأنبياء: ١٧ المفسرون يقولون: ما كنا فاعلين.
قال الفراء، والمبرد، والزجاج: يجوز أن تكون إن للنفي، كما ذكر المفسرون نحو قوله: {إِنْ أَنْتَ إِلا نَذِيرٌ} فاطر: ٢٣ ، {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ} الملك: ٢٠ ويكون المعنى تحقيقا لكذبهم، أي ما فعلنا ذلك ولم نتخذ صاحبة ولا ولد، قالوا: ويجوز أن تكون أن للشرط، أي: إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا، قال الفراء: وهذا أشبه الوجهين بمذهب العربية.
قوله: بل أي: دع ذاك الذي قالوا، فإنه كذب وباطل، {نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} الأنبياء: ١٨ نسلط الحق على باطلهم ونلقيه عليه حتى يذهبه، وعنى بالحق القرآن، وبالباطل كذبهم، فيدمغه فيهلكه ويكسره، وقال الزجاج: يذهبه ذهاب الصغار والإذلال.
وذلك أن أصله إصابة الدماغ بالضرب، وهو مقتل، {فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} الأنبياء: ١٨ زائل ذاهب من قوله: {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} الإسراء: ٨١ والمعنى: أنَّا نبطل كذبهم بما تبين من الحق حتى يضمحل ويذهب، ثم أوعدهم على كذبهم، فقال: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} الأنبياء: ١٨ لكم يا معشر الكفار الويل من كذبكم ووصفكم الله بما لا يجوز.
ثم بين أن جميع المؤمنين عبيده، فقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} الأنبياء: ١٩ عبيدا وملكا، ومن عنده يعني الملائكة، {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} الأنبياء: ١٩ قال الزجاج: أي هؤلاء الذين ذكرتم أنهم أولاد الله، عباد الله لا يأنفون من عبادته، ولا يتعظمون عنا، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} الأعراف: ٢٠٦ ، ولا يستحسرون يقال: حسر واستحسر إذا تعب وأعيا.
قال قتادة، ومقاتل: لا يعيون.
وقال السدي: لا ينقطعون عن العبادة.
{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} الأنبياء: ٢٠ ينزهون الله دائما بقولهم: سبحان الله.
لا يفترون لا يضعفون ولا يملون، قال الزجاج: مجرى التسبيح منهم كمجرى النفس منا، لا يشغلنا عن النفس شيء، فكذلك تسبيحهم دائم.
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث، أنا عبد الله بن محمد بن حبان، نا أبو يحيى الرازي، نا سهل بن عثمان، نا أبو معاوية، عن الشيباني، عن حسان بن المخارق، عن عبد الله بن الحارث، قال: قلت لكعب: أرأيت قول الله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} الأنبياء: ٢٠ أما يشغلهم شأن؟ أما تشغلهم حاجة؟ قال: يابن أخي، جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب، وتقوم وتجلس، وتجيء وتذهب، وتتكلم وأنت تتنفس؟ وكذلك جعل لهم التسبيح.
ثم عاد إلى توبيخ المشركين، فقال: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ {٢١} لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ {٢٢} لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {٢٣} } الأنبياء: ٢١-٢٣ {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً} الأنبياء: ٢١ هذا استفهام معناه الجحد، أي لم يتخذوا آلهة، من الأرض وأصنامهم كانت من الأرض، من أيِّ جنس كان، من خشب، أو حجارة، أو ذهب، أو فضة.
هم ينشرون يحيون، يقال: أنشر الله الميت فنشر.
وهذا توبيخ لهم على عبادتهم جمادا من الأرض، لا يقدر على شيء.
ثم ذكر الدلالة على توحيده، وأنه لا يجوز أن يكون معه إله سواه، فقال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا} الأنبياء: ٢٢ أي: في السماء والأرض، آلهة معبودون يستحقون العبادة، إلا الله معناه: غير الله، وهو صفة للآلهة، على معنى آلهة هم غير الله، كما يزعم المشركون، وهذا قول جميع النحويين: الأخفش، والزجاج، وأبي علي الفسوي،