بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار» .
وقوله: {لِيَذَّكَّرُوا} الفرقان: ٥٠ أي: ليتفكروا في قدرة الله وموضع النعمة منه بما أحيا بلادهم به من الغيث، ويحمدوه على ذلك.
ومن قرأ بالتخفيف فمعناه: ليذكروا موضع النعمة به فيشكروه، {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا} الفرقان: ٥٠ إلا كفرا بالله وبنعمته، وهم الذين يقولون: مطرنا بنوء كذا.
وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا {٥١} فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا {٥٢} وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا {٥٣} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {٥٤} } الفرقان: ٥١-٥٤ {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا} الفرقان: ٥١ ينذرهم، ولكن بعثناك إلى القرى كلها رسولا لعظم كرامتك لدينا.
{فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} الفرقان: ٥٢ وذلك حين دعي إلى دين آبائه، {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} الفرقان: ٥٢ بالقرآن، {جِهَادًا كَبِيرًا} الفرقان: ٥٢ تاما شديدا.
{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} الفرقان: ٥٣ أرسلهما في مجاريهما، أو خلاهما كما ترسل الخيل في المرج، وهما يلتقيان فلا يختلط الملح بالعذب ولا العذب بالملح، وهو قوله: {هَذَا} الفرقان: ٥٣ يعني: أحد البحرين، {عَذْبٌ} الفرقان: ٥٣ طيب، يقال: عذب عذوبة فهو عذب.
{فُرَاتٌ} الفرقان: ٥٣ الفرات أعذب المياه، يقال: فرت الماء يفرت فروتة إذا عذب، فهو فرات.
{وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} الفرقان: ٥٣ شديد الملوحة، {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا} الفرقان: ٥٣ حاجزا من قدرة الله، {وَحِجْرًا مَحْجُورًا} الفرقان: ٥٣ حراما أن يفسد الملح العذب.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} الفرقان: ٥٤ خلق من النطفة إنسانا، {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} الفرقان: ٥٤ الصهر حرمة الختونة، والمعنى: فجعله ذا نسب وصهر، قال المفسرون: النسب سبعة أصناف من القرابة، يجمعها قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} النساء: ٢٣ إلى قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} النساء: ٢٣ ومن هنا إلى قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} النساء: ٢٣ تحريم الصهر، وهو الخلطة التي تشبه القرابة، وهو السبب المحرم للنكاح كالنسب المحرم، حرم الله سبعة أصناف من النسب، وسبعة من جهة الصهر، ستة في الآية التي ذكر فيها المحرمات، والسابقة في قوله: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النساء: ٢٢ .
{وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} الفرقان: ٥٤ على ما أراد.
قوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا {٥٥} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا {٥٦} قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا {٥٧} وَتَوَكَّلْ عَلَى