شاء قال السدي: يميتهم على النفاق إن شاء، فيوجب لهم العذاب.
فمعنى شرط المشيئة في عذاب المنافقين إماتتهم على النفاق إن شاء ثم يعذبهم، {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} الأحزاب: ٢٤ فيغفر لهم، ليس أنه يجوز أن لا يعذبهم إذا ماتوا على النفاق، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا} الأحزاب: ٢٤ لمن تاب، رحيما به.
قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا {٢٥} وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا {٢٦} وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا {٢٧} } الأحزاب: ٢٥-٢٧ {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الأحزاب: ٢٥ أي: صدهم ومنعهم عن الظفر بالمسلمين، يعني الأحزاب، بغيظهم لم يشف صدورهم بنيل ما أرادوا ردهم وفيهم غيظهم على المسلمين، {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} الأحزاب: ٢٥ ما كانوا يريدون من الظفر والمال، {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} الأحزاب: ٢٥ بالريح والملائكة التي أرسلت عليهم، {وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا} الأحزاب: ٢٥ في ملكه عزيزا في قدرته.
ثم ذكر ما فعل اليهود بني قريظة بقوله: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ} الأحزاب: ٢٦ أعانوا الأحزاب، يعني قريظة، وذلك أنهم نقضوا العهد وصاروا يدا واحدة مع المشركين على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين، فلما هزم الله المشركين بالريح والملائكة أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمسير إلى قريظة فسار إليهم وحاصرهم عشرين ليلة، ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم سعد بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فذلك قوله: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} الأحزاب: ٢٦ .
٧٤٥ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَحْيَى، نا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا رَجَعَ مِنْ طَلَبِ الأَحْزَابِ، وَوَضَعَ عَنْهُ اللامَةَ وَاغْتَسَلَ وَاسْتَجْمَرَ؛ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ، أَلا أَرَاكَ قَدْ وَضَعْتَ اللامَةَ، وَمَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ، فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَزَعًا، فَعَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ حَتَّى يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَبِسَ النَّاسُ السِّلاحَ، فَلَمْ يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَاخْتَصَمَ النَّاسُ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَزَمَ عَلَيْنَا أَنْ لا نُصَلِّيَ حَتَّى نَأْتِيَ قُرَيْظَةَ، فَإِنَّمَا نَحْنُ فِي عَزْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَيْسَ عَلَيْنَا إِثْمٌ، وَصَلَّى طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ احْتِسَابًا، وَتَرَكَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الصَّلاةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوهَا حَتَّى جَاءُوا بَنِي قُرَيْظَةَ احْتِسَابًا، فَلَمْ يُعَنِّفْ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ
وقوله: من صياصيهم قال ابن عباس، وقتادة، ومقاتل: من حصونهم.
{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ