{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ {١٤٩} أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ {١٥٠} أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ {١٥١} وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {١٥٢} أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ {١٥٣} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {١٥٤} أَفَلا تَذَكَّرُونَ {١٥٥} أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ {١٥٦} فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {١٥٧} وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ {١٥٨} سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ {١٥٩} إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ {١٦٠} } الصافات: ١٤٩-١٦٠ قوله: فاستفتهم قال ابن عباس: فسل أهل مكة سؤال توبيخ.
{أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} الصافات: ١٤٩ وذلك أن قريشا وقبائل من العرب قالوا: الملائكة بنات الله، وهذا كقوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى {٢١} تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى {٢٢} } النجم: ٢١-٢٢ .
{أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا} الصافات: ١٥٠ معناه: بل أخلقنا الملائكة إناثا؟ وهم شاهدون حاضرون خلقنا إياهم، أي: كيف جعلوهم إناثا ولم يشهدوا خلقهم.
ثم أخبر عن كذبهم، فقال: {أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ {١٥١} وَلَدَ اللَّهُ} الصافات: ١٥١-١٥٢ حين زعموا أن الملائكة بنات الله، وإنهم لكاذبون في قولهم.
{أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} الصافات: ١٥٣ قراءة العامة بفتح الهمزة على الاستفهام الذي معناه التوبيخ، وقرأ نافع بغير استفهام على وجه الخبر كأنه قال: أصطفى البنات في زعمكم وفيما تقولون.
وقال الفراء: أراد الاستفهام وحذف حرف الاستفهام كقوله: أذهبتم طيباتكم.
ثم وبخهم، فقال: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} الصافات: ١٥٤ لله بالبنات ولأنفسكم بالبنين؟ أفلا تذكرون أفلا تتعظون فتنتهون عن هذا القول.
{أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ} الصافات: ١٥٦ حجة بينة على ما تقولون.
{فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ} الصافات: ١٥٧ الذي فيه الحجة، {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} الصافات: ١٥٧ في قولكم.
{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} الصافات: ١٥٨ قال قتادة: قالوا صاهر الجن والملائكة من الجن.
وقال الكلبي: قالوا لعنهم الله: تزوج من الجن فخرج منها الملائكة.
وقال مجاهد: لما قالت قريش الملائكة بنات الله، قال لهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه: فمن أمهاتهم؟ قالوا: سروات الجن.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} الصافات: ١٥٨ أي: علموا أن هؤلاء الكفار الذين قالوا هذا القول يحضرون في النار ويعذبون على ما قالوا.
ثم نزه نفسه عما قالوا من الكذب، فقال: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ {١٥٩} إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ {١٦٠} } الصافات: ١٥٩-١٦٠ يعني: الموحدين الذين استخلصهم الله لتوحيده وعبادته، وهذا استثناء من المحضرين، يقول: علموا أنهم محضرون النار إلا من أخلص العبادة له ووحده.
ثم خاطب كفار مكة بقوله: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ {١٦١} مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ {١٦٢} إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ {١٦٣} وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ {١٦٤} وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ {١٦٥} وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ {١٦٦} وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ {١٦٧} لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأَوَّلِينَ {١٦٨} لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ {١٦٩} فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ {١٧٠} } الصافات: ١٦١-١٧٠ {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} الصافات: ١٦١ قال ابن عباس: فإنكم وآلهتكم التي تعبدون من دون الله.
{مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} الصافات: ١٦٢ على ما تعبدون، بفاتنين بمضلين، يقال: فتنت الرجل وافتتنته.
ويقال: فتنته على الشيء وبالشيء.
كما يقال: أضله على الشيء وأضله به.
وقال مقاتل: يقول ما أنتم بمضلين أحدا بآلهتكم إلا من قدر الله له أن