إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ {١٠} قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ {١١} ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ {١٢} } غافر: ١٠-١٢ .
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ} غافر: ١٠ الآية.
قال المفسرون: إنهم لما رأوا أعمالهم، ونظروا في كتابهم، وأدخلوا النار، مقتوا أنفسهم لسوء صنيعهم، ناداهم مناد: لمقت الله إياكم في الدنيا، {أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ} غافر: ١٠ ، {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} غافر: ١٠ أنفسكم اليوم.
قال قتادة: ينادون يوم القيامة لمقت الله أهل الضلالة، حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه، أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله.
ثم أخبر عما يقولون في النار بقوله: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} غافر: ١١ أي: كنا نطفا في الدنيا أمواتا، فخلقت فينا الحياة، ثم أمتنا وبعثتنا بعد الموت، وهذا كقوله: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} البقرة: ٢٨ وإنما قالوا هذا، لأنهم كانوا قد كذبوا في الدنيا بالبعث، فاعترفوا في النار بما كذبوا به، وهو قوله: فاعترفنا بذنوبنا أي: بالتكذيب، وما كنا نكذب به في الدنيا، ثم سألوا الرجعة، فقالوا: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} غافر: ١١ هل من خروج من النار إلى الدنيا فنعمل بطاعتك؟ قال الله تعالى لهم: ذلكم أي: ذلكم العذاب الذي نزل بكم، {بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} غافر: ١٢ إذا قيل: لا إله إلا الله، أنكرتم، وقلتم: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} ص: ٥ .
{وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} غافر: ١٢ : وإن يجعل له شريك، تؤمنوا: تصدقوا ذلك الذي أشرك، وتشهدوا أن له شريكا، فالحكم لله أي: أنه حكم بعذاب من أشرك به، ولا يرد حكمه، العلي الكبير الذي لا أعلى منه، ولا أكبر.
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَنْ يُنِيبُ {١٣} فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {١٤} رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ {١٥} يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ