كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ {٢١} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ {٢٢} } غافر: ١٨-٢٢ .
وأنذرهم يقول لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأنذر أهل مكة بـ يوم الآزفة يعني: القيامة، قال ابن عباس: أزف أمرها، أي: دنا.
يقال: أزف الشيء يأزف أزفا.
قال الزجاج: وقيل لها آزفة، لأنها قريبة، وإن استبعد الناس أمرها، وما هو كائن فهو قريب.
{إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} غافر: ١٨ وذلك أنها تزول عن مواضعها من الخوف، حتى تصير إلى الحنجرة، كقوله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} الأحزاب: ١٠ .
كاظمين: مغمومين، مكروبين، ممتلئين غما، ما للظالمين قال ابن عباس، ومقاتل: يريد المشركين، والمنافقين.
من حميم قريب ينفعهم، {وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} غافر: ١٨ فيهم، فتقبل فيهم شفاعته.
{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ} غافر: ١٩ خيانتها، وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحل، {وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} غافر: ١٩ : وما تسر القلوب، في السر من المعصية.
{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} غافر: ٢٠ يحكم به، فيجزي بالحسنة والسيئة، {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} غافر: ٢٠ من الشركاء، {لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} غافر: ٢٠ لا يجازون، لأنهم لا يعلمون ولا يقدرون، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ} غافر: ٢٠ لما يقوله الخلق، البصير بأعمالهم.
قوله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} غافر: ٢١ ظاهر إلى قوله: {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ} غافر: ٢١ أي: من عذاب الله، من واق يقي العذاب عنهم.
ذلك أي: ذلك العذاب الذي نزل بهم، {بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ} غافر: ٢٢ الآية.
ثم ذكر قصة موسى وفرعون ليعتبروا، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ {٢٣} إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ {٢٤} فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ {٢٥} وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ {٢٦} وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ {٢٧} } غافر: ٢٣-٢٧ .
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا} غافر: ٢٣ إلى قوله: {قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} غافر: ٢٥ قال ابن عباس: أعيدوا عليهم القتل فيهم كالذي كان أولا.
وقال قتادة: كان فرعون أمسك عن قتل الولدان، فلما بعث الله موسى، عليه السلام، إليه أعاد عليهم القتل ليصدهم بذلك عن متابعة موسى.
قوله: {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي