وأنجاهم مع من آمن معهم، وقد يكون نصر بالانتقام لهم، كما نصر يحيى بن زكريا لما قتل، حتى قتل به سبعون ألفا، فهم لا محالة منصورون في الدنيا بأحد هذه الوجوه، وقوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} غافر: ٥١ يعني: يوم القيامة، تقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ، وعلى الكفار بالتكذيب، وواحد الأشهاد شاهد مثل طائر وأطيار.
ثم أخبر عن ذلك اليوم، فقال: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} غافر: ٥٢ إن اعتذروا من كفرهم لم يقبل منهم، وإن تابوا لم تنفعهم التوبة، ولهم اللعنة البعد من الرحمة، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} غافر: ٥٢ جهنم.
قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى} غافر: ٥٣ قال مقاتل: الهدى من الضلالة، يعني: التوراة، وأورثنا من بعد موسى، {بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} غافر: ٥٣ وما فيه من البيان.
هدى أي: هو هدى، وذكرى وتذكير، لأولي الألباب.
قوله: فاصبر على أذاهم، {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} غافر: ٥٥ في نصرتك، وإظهار دينك، {حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} غافر: ٥٥ يعني: الصغائر على قول من جوزها على الأنبياء، وعند من لا يجوزها، يقول: هذا تعبد من الله لنبيه بهذا الدعاء، لكي يزيده درجة، وليصير سنة لمن بعده، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} غافر: ٥٥ وصل شاكرا لربك، بالعشي والإبكار قال ابن عباس: يريد الصلوات الخمس.
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {٥٦} لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ {٥٧} وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ {٥٨} إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ {٥٩} } غافر: ٥٦-٥٩ .
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} غافر: ٥٦ يعني: كفار قريش، وقد تقدم تفسير هذا، {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ} غافر: ٥٦ قال ابن عباس: ما يحملهم على تكذيبك إلا ما في صدورهم من العظمة.
{مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} غافر: ٥٦ مقتضى ذلك الكبر، لأن الله تعالى مذلهم، وقال ابن قتيبة: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ} غافر: ٥٦ تكبر على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وطمع أن يغلبوه، وما هم ببالغي ذلك.
فاستعذ بالله من شرهم، وكرهم، {إِنَّهُ