بالرفع على نعت العذاب، وبالكسر على نعت الرجز، والرجز: معناه: العذاب، كقوله: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} البقرة: ٥٩ .
{اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {١٢} وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {١٣} } الجاثية: ١٢-١٣ .
وقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ} الجاثية: ١٣ من شمس وقمر، ونجوم ومطر، وثلج وبرد، وماء، {وَمَا فِي الأَرْضِ} الجاثية: ١٣ من دابة، وشجر، ونبات، وثمار، وأنهار ومعنى تسخيره لها هو: أنه خلقها لانتفاعنا بها، فهو مسخر لنا، من حيث إنا ننتفع به على الوجه الذي نريده، وقوله تعالى: جميعًا منه قال ابن عباس: كل ذلك رحمة منه لكم.
وقال في رواية عكرمة: منه النور، ومنه الشمس، ومنه القمر.
وقال الزجاج: كل ذلك تفضل منه، وإحسان.
ويحسن الوقف على قوله: جميعًا ثم يقول: منه أي: ذلك التسخير منه لا من غيره، فهو فضله وإحسانه، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الجاثية: ١٣ في صنع الله وإحسانه، فيوحدونه.
{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {١٤} مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ {١٥} } الجاثية: ١٤-١٥ قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} الجاثية: ١٤ الآية نزلت في عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: شتمه رجل بمكة، فهم أن يبطش به عمر، فأمره الله بالعفو، والتجاوز.
والمعنى: قل للذين آمنوا: اغفروا، ولكنه شبهه بالشرط والجزاء، كقوله: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} إبراهيم: ٣١ وقد مر، وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} الجاثية: ١٤ قال مقاتل: لا يخشون مثل عذاب الأمم الخالية، وذلك أنهم لا يؤمنون به، فلا يخافون عقابه.
وذكرنا تفسير أيام الله عند قوله: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} إبراهيم: ٥ وهذه الآية منسوخة بآية القتال، وقوله: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} الجاثية: ١٤ أي: ليجزي الله الكفار بما عملوا من