وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} البقرة: ١٤٣ أي: وما جعلنا تحويل القبلة التي كنت عليها، فهو من باب حذف المضاف، ويحتمل أن يكون المفعول الثاني للجعل محذوفا، على تقدير: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها منسوخة، فحذف للعلم به.
وقوله: {إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} البقرة: ١٤٣ أي: لنعلم العلم الذي يستحق العامل به الثوابَ والعقابَ، وهو علم بالشيء بعد وجوده، والله تعالى يعلم الكائنات ولكن لا يعلمها موجودة إلا إذا وجدت، فكذلك العلم الذي يوجب الثواب والعقاب.
وابن عباس يفسر لنعلم ههنا: لنرى، وهذا راجع إلى ما ذكرنا، لأنه إنما يراه إذا علمه موجودا.
وكان تحويل القبلة إلى الكعبة ابتلاء من الله تعالى لعباده، وذلك أن الله تعالى لما وجه نبيه إلى الكعبة قال فِي ذلك قائلون من الناس، فقال بعضهم: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.
وقال آخرون: قد اشتاق الرجل إلى مولد آبائه.
وقال ابن عباس فِي قوله: {مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} البقرة: ١٤٣ : يعني: أهل اليقين من أهل الشك والريبة، ومن يوافق الرسول فِي التوجه إلى الكعبة ممن يرتد عن الدين فيرجع إلى ما كان عليه.
والانقلاب على العقب: عبارة عن الانصراف إلى حيث أقبل منه.
وقوله: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} البقرة: ١٤٣ : أي: وقد كانت التولية إلى الكعبة لثقيلة، {إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} البقرة: ١٤٣ أي: هداهم للحق، وهم الذين عصمهم الله حتى صدقوا الرسول فِي التحول إلى الكعبة.
وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} البقرة: ١٤٣
٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ النَّصْرَابَاذِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: