وقوله: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} البقرة: ١٦٤ الفلك: يكون واحدا وجمعا ومذكرا ومؤنثا، قال الله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} الشعراء: ١١٩ ، فإذا أريد به الواحد ذكره، وإذا أريد به الجمع أنث كالتي فِي هذه الآية.
والآية فِي الفلك: تسخير الله إياها حتى يجريها على وجه الماء، كما قال: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} إبراهيم: ٣٢ ووقوفها فوق الماء مع ثقلها وكثرة وزنها.
قوله: {بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} البقرة: ١٦٤ أي: بالذي ينفعهم من ركوبها والحمل فِيها للتجارات، فهي تنفع الحامل لأنه يربح، والمحمول إليه لأنه ينتفع بما حمل إليه.
وقوله: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ} البقرة: ١٦٤ يعني: المطر، قال وهب: ثلاثة ما أظن يعلمهن إلا الله عز وجل: الرعد والبرق والغيم، ما أدري من أين هي وما هي؟ فقيل له: إن الله أنزل من الماء ماء.
قال: نعم، ولا أدري أمطر من السماء على السحاب، أم خلق فِي السحاب؟ قوله: {فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} البقرة: ١٦٤ أراد بموت الأرض: جدوبتها ويبوستها، فسماها موتا مجازا، وذلك أن الأرض إذا لم يصبها مطر لم تنبت ولم تتم نباتا، فكانت من هذا الوجه كالميت، وإذا أصابها المطر أنبتت.
قوله: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} البقرة: ١٦٤ البث: النشر والتفريق، ومنه قوله تعالى: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً} النساء: ١ ، وقوله: {كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} القارعة: ٤ .
قال ابن عباس: يريد كل ما دب على الأرض من جميع الخلق، من الناس وغيرهم.
قوله: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} البقرة: ١٦٤ : تقليبها قبولا ودبورا، وشمالا وجنوبا، وتصريفها مرة بالرحمة ومرة بالعذاب، ومرة حارة ومرة باردة، ولينة وعاصفة.
قال قتادة: قادر والله ربنا إن شاء جعلها رحمة لواقح للسحاب ونشرا بين يدي رحمته، وإن شاء جعلها عذابا ريحا عقيما لا تلقح شيئا، إنما هي عذاب على من أرسلت إليه.