وقوله: كذلك أي: كتبرؤ بعضهم من بعض، {يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} البقرة: ١٦٧ فِي الآخرة، قال الربيع: يريد: أعمالهم القبيحة التي سلفت منهم فِي الدنيا، حسرات عليهم فِي الآخرة، لأنهم إذا رأوا حسن مجازاة الله المؤمنين بأعمالهم الحسنة تحسروا على أن لم تكن أعمالهم حسنة فيستحقوا بها من ثواب الله مثل الذي استحقه المؤمنون.
قال ابن كيسان: يعني بأعمالهم: عبادتهم الأوثان، رجاءَ أن تقربهم إلى الله تعالى، فلما عذبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسروا وندموا.
قال ابن عباس: نزلت الآية فِي الكفار الذين أخرجوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة.
{يَأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {١٦٨} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {١٦٩} } البقرة: ١٦٨-١٦٩ قوله تعالى: {يَأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا} البقرة: ١٦٨ قال ابن عباس، فِي رواية أبي صالح: نزلت فِي الذين حرموا على أنفسهم السوائب والوصائل والبحائر.
وقال فِي رواية عطاء: عنى المؤمنين خاصة.
ومعنى الحلال: المباح الذي انحلت عقدة الحظر عنه، يقال: حل الشيء يحل حلالا وحلا.
والأصل فِي الطيب: هو ما يستلذ به ويستطاب، ويوصف به الطاهر والحلال على جهة التشبيه، لأن النجس تكرهه النفس فلا يستلذ، والحرام أيضا غير مستلذ، لأن المشرع يزجر عنه.
ولما وصف الحلال بالطيب وصف الحرام بأنه خبيث، قال الله تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} المائدة: ١٠٠ ، وأراد بالحلال الطيب: ما أحل الله أكله مما حرمه المشركون على أنفسهم من الزرع والأنعام، وهو قوله عز وجل: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} الأنعام: ١٣٨ الآية، وقال ابن عباس، فِي رواية عطاء: يريد: قد غنمتكم مال أعدائكم، وعلى هذا القول عني بالحلال الطيب: الغنيمة.