فكانوا يتزوجون نساءهم بغير مهر، فقتل الأوضع منهما من الشريف قتلى، فحلف الشريف: ليقتلن الحر بالعبد، والذكر بالأنثى، وليضاعفن الجراح، فأنزل الله هذه الآية يعلم أن الحر المسلم كفء للحر المسلم، وكذلك العبد للعبد، والذكر للذكر، والأنثى للأنثى.
ولم تدل الآية على أن الذكر لا يقتل بالأنثى، وقتل الذكر بالأنثى مستفاد من إجماع الأمة، لأنهما تساويا فِي الحرمة والميراث وحد الزنى والقذف وغير ذلك، فوجب أن يستويا فِي القصاص.
وقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} البقرة: ١٧٨ معنى العفو ههنا: ترك الواجب من أرش جناية، أو عقوبة ذنب، أو ما استوجبه الإنسان بما ارتكبه من جناية، فصفح عنه وترك له من الواجب عليه.
وقوله: من أخيه أراد: من دم أخيه، فحذف المضاف للعلم به، وأراد بالأخ: المقتول، سماه أخا للقاتل، فدل على أن أخوة الإسلام بينهما لم تنقطع، وأن القاتل لم يخرج عن الإيمان بقتله.
وفي قوله: شيء دليل على أن بعض الأولياء إذا عفا سقط القود، لأن شيئا من الدم قد بطل بعفو البعض، والله تعالى قال: فمن عفي له من أخيه شيء والكنايتان فِي قوله: له، وأخيه ترجعاه إلى من، وهو القاتل.
وقوله: فاتباع بالمعروف أي: فعلى ولي المقتول اتباع بالمعروف فِي المطالبة بالدية، وهو ترك التشديد على القاتل فِي طلب الدية.
وقوله: وأداء إليه بإحسان وعلى القاتل تأدية المال إلى العافي بإحسان، أمرَ اللهُ تعالى الطالبَ أن يطلبَ بالمعروف، ويتبع الحق الواجب له، من غير أن يطالبه بالزيادة، أو يكلفه ما لم يوجبه الله، أو يشدد عليه، كل هذا تفسير المعروف، وأمرَ المطلوبَ منه بالإحسان فِي الأداء، وهو ترك المطل والتسويف.
وقوله: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} البقرة: ١٧٨ قال ابن عباس: يريد: حيث جعل الدية لأمتك يا محمد، قال قتادة: لم تحل الدية لأحد غير هذه الأمة.
قال المفسرون: إن الله تعالى كتب على أهل التوراة أن يقيدوا ولا يأخذوا الدية ولا يعفوا، وعلى أهل