وقال الوالبي، عن ابن عباس: كان المسلمون فِي شهر رمضان إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء فِي شهر رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
والرفث ههنا: كناية عن الجماع، قال ابن عباس: إن الله حيي يكني بما يشاء، إن الرفث واللماس والمباشرة والإفضاء: هو الجماع.
وقال الزجاج: الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة.
وقال الأخفش: إنما عداه ب إلى لأنه بمعنى الإفضاء.
وقوله: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} البقرة: ١٨٧ أصل اللباس: ما يلبسه الإنسان مما يواري جسده، ثم المرأة تسمى لباس الرجل، والرجل لباس المرأة، لانضمام جسد كل واحد منهما إلى جسد صاحبه، حتى يصير كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه، فلما كانا يتلابسان عند الجماع سمي كل واحد منهما لباسا للآخر.
قال الربيع: هن فراش لكم وأنتم لحاف لهن.
والمفسرون يقولون: هن سكن لكم وأنتم سكن لهن.
وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
والمعنى: إنكم تلابسونهن، وتخالطونهن بالمساكنة، وهن كذلك، أي: قل ما يصبر أحد الزوجين عن الآخر، فمن فضل الله أن رخص فِي إتيانهن ليالي الصيام.
وقوله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} البقرة: ١٨٧ يقال: خانه واختانه، إذا لم يف له.
والمعنى: علم الله أنكم كنتم تخونون أنفسكم بالمعصية، أي: لا تؤدون الأمانة فِي الامتناع عن المباشرة، فتاب عليكم أي: عاد عليكم بالرخصة، وعفا عنكم ما فعلتم قبل هذا، فالآن باشروهن: أمر إباحة.
والمباشرة: المجامعة، لتلاصق البشرتين، {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} البقرة: ١٨٧ أي: اطلبوا ما قضى الله لكم من الولد، وهذا قول أكثر المفسرين.