التوراة كتاب الله، فدعنا فلنقم بها في صلاتنا.
فأنزل الله هذه الآية.
والسلم بكسر السين: الإسلام، وهو اسم جعل بمنزلة المصدر، كالعطاء من أعطيت، والنبات من أنبت، والفتح لغة، ويجوز أن يكون بالفتح والكسر: الصلح، والمراد بالصلح: الإسلام، لأن الإسلام صلح، ألا ترى أن القتال من أهله موضوع، وأنهم أهل اعتقاد واحد ويد واحدة في نصرة بعضهم لبعض؟ فسمي الإسلام صلحا لما ذكرنا.
وقوله: كافة الكافة: اسم للجملة الجامعة لأنها تمنع من الشذوذ والتفرق، والمعنى: ادخلوا في شرائع الإسلام جملة مانعة من شريعة لم تدخلوا فيها.
والكافة في اللغة: الحاجزة المانعة، يقال: كففت فلانا عن السوء فكف يكف كفا.
سواء لفظ اللازم والمجاوز، {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} البقرة: ٢٠٨ آثاره ونزعاته فيما زين لكم من تحريم السبت ولحم الجمل، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} البقرة: ٢٠٨ ظاهر العداوة، أخرج أباكم من الجنة وقال: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} الإسراء: ٦٢ .
وقوله: فإن زللتم يقال: زلت قدمه تزل زللا وزلا وزليلا، إذا دحضت.
ومعنى زللتم: تنحيتم عن القصد والشرائع في تحريم السبت ولحوم الإبل، {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ} البقرة: ٢٠٩ يعني القرآن ومواعظه، {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} البقرة: ٢٠٩ في انتقامه، لا تعجزونه، حكيم فيما شرع لكم من دينه.
قوله: هل ينظرون الآية، هل ههنا: استفهام يراد به النفي والإنكار، كما يقال: هل يفعل هذا إلا مائق؟ ! أي: ما يفعل، وينظرون بمعنى: ينتظرون، يقال: نظرته، وانتظرته.
ومنه قوله تعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} الحديد: ١٣ ، وقوله: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} النمل: ٣٥ ، والمعنى: ما ينتظر التاركون الدخول في السلم والمتبعون خطوات الشيطان إلا العذاب يوم القيامة؟ ! يريد: أنه لا ثواب، لهم فلا ينتظرون إلا العذاب، وهو قوله: {إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} البقرة: ٢١٠ أي: يأتيهم عذاب الله، أو أمر الله، فحذف المضاف، ومثل هذا قوله: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} الحشر: ٢ أي: عذاب الله.