كفارا كلهم أمثال البهائم، {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} البقرة: ٢١٣ نوحا وإبراهيم وغيرهما من النبيين، {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} البقرة: ٢١٣ يعني الكتب، والكتاب: اسم جنس أريد به الجمع، بالحق يريد: بالعدل والصدق، ليحكم أي: الكتاب، بين الناس بما فيه من البيان، {فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} البقرة: ٢١٣ من الأحكام، {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} البقرة: ٢١٣ الكناية راجعة إلى الكتاب، والمراد بالكتاب المختلف فيه: التوراة.
قوله: {إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ} البقرة: ٢١٣ يعني: اليهود، واختلافهم في التوراة: تبديل بعضهم وتحريفهم، {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} البقرة: ٢١٣ الدلالات الواضحات في شأن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحة نبوته، بغيا بينهم حسدا منهم وطلبا للرياسة، {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} البقرة: ٢١٣ أي: إلى ما اختلفوا فيه، من الحق والمعنى: لمعرفة ما اختلفوا فيه، يقال: هديته إلى الشيء، وللشيء.
قال ابن زيد: اختلفوا في القبلة، فصلت اليهود إلى بيت المقدس، وصلت النصارى إلى المشرق، فهدانا الله للكعبة، واختلفوا في الصيام، وهدانا الله لشهر رمضان، واختلفوا في يوم الجمعة، فأخذت اليهود السبت، والنصارى الأحد فهدانا الله له.
واختلفوا في إبراهيم، فقالت اليهود: كان يهوديا.
وقالت النصارى: كان نصرانيا.
فهدانا الله تعالى للحق من ذلك، واختلفوا في عيسى فجعلته اليهودية لفرية، وجعلته النصارى ربا، فهدانا الله عز وجل من ذلك.
١٠٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَسْرُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} البقرة: ٢١٣ قَالَ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالْيَوْمَ لَنَا، وَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى»