يسرحها بإحسان ولا يظلمها من حقها شيئا، وهو قوله: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} البقرة: ٢٢٩ لا يجوز للزوج أن يأخذ من امرأته شيئا مما أعطاها من المهر إلا في الخلع، وهو قوله: {إِلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} البقرة: ٢٢٩ أي: يعلما ويوقنا.
والخوف يكون بمعنى العلم، وذلك أن في الخوف طرفا من العلم، لأنك تخاف ما تعلم، وما لا تعلم لا تخافه، كما أن الظن لما كان فيه طرف من العلم جاز أن يكون علما.
ومعنى الآية: أن المرأة إذا خافت أن تعصي الله في أمر زوجها بغضا له، وخاف الزوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها، حل له أن يأخذ الفدية منها إذا دعت إلى ذلك.
وقرأ حمزة إلا أن يُخافا بضم الياء، لأنه بني للمفعول بهما وهما الزوجان، والمعنى: إلا أن يعلما أنهما لا يقيمان حدود الله.
فإن خفتم أيها الولاة والحكام، أي: علمتم وغلب على ظنكم أن الزوجين لا يقيمان حدود الله في حسن العشرة وجميل الصحبة، {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} البقرة: ٢٢٩ المرأة نفسها من الزوج، أي: لا جناح على الرجل فيما يأخذ من المرأة، ولا عليها فيما تفتدي به للخلع.
قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} البقرة: ٢٢٩ يريد: ما حده من شرائع الدين، {فَلا تَعْتَدُوهَا} البقرة: ٢٢٩ أي: لا تتجاوزوها إلى غيرها، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} البقرة: ٢٢٩ أنفسهم بترك ما أمر الله به.
وقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} البقرة: ٢٣٠ يعني الزوج المطلق ثنتين، {فَلا تَحِلُّ لَهُ} البقرة: ٢٣٠ المطلقة، من بعد أي: من بعد التطليقة الثالثة، {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} البقرة: ٢٣٠ أي: غير المطلق.
والنكاح: لفظ يتناول العقد والوطء جميعا، فلا تحل للأول ما لم يصبها الثاني.
وقد ثبتت السنة بهذا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
١١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلاقِي،