{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ {٨} يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ {٩} فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {١٠} } البقرة: ٨-١٠ قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} البقرة: ٨ : الناس: لفظ وضع للجمع كالنوم والرهط والجيش وواحده: إنسان، لا من لفظه.
وقوله: وباليوم الآخر يعني: يوم القيامة، وسمي آخرًا لأنه بعد أيام الدنيا.
وقوله: {وما هم بمؤمنين} : جمع بعد التوحيد فِي من يقول لأن لفظ من يصلح للواحد وللجميع، فقوله: من يقول يجوز أن يراد به الجمع وإن كان اللفظ على واحد.
قال المفسرون: نزلت هذه الآية فِي المنافقين حين أظهروا كلمة الإيمان وأسروا الكفر، فأخبر الله سبحانه أنهم يقولون: إنا مؤمنون.
ويظهرون كلمة الإيمان، ثم نفى الله عنهم الإيمان فقال: {وما هم بمؤمنين} ، فدل على أن حقيقة الإيمان ليس الإقرار فقط.
قوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} البقرة: ٩ : يخادعون: يفاعلون، من الخدع، يقال: خدعته خدْعًا وخدَعًا وخديعةً، إذا أظهر له غير ما يضمر.
والمعنى: أن هؤلاء المنافقين يظهرون غير ما فِي نفوسهم ليدرءوا عنهم أحكام الكفر فِي ظاهر الشريعة من القتل والجزية وغيرهما.
فإن قيل: المفاعلة تكون بين اثنين، والله تعالى يَجِلُّ أن يشاركهم فِي الخداع، فما وجه قوله: يخادعون الله؟ قيل: يخادعون ههنا بمعنى: يخدعون.
قال أبو عبيدة: خادعت الرجل بمعنى: خدعته.
والمفاعلة كثيرًا ما يقع من الواحد، كالمعافاة والمعاقبة وطارقت النعل، على هذا.