من المنافقين، فأعلم الله أن من اتبع نبيه اتبع رضوان الله، وأن من تخلف عنه فقد باء بسخط من الله.
ومعنى باء به: احتمله ورجع به، وذكرنا هذا في { البقرة.
قوله: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} سورة آل عمران: ١٦٣ أي: أهل درجات، أو ذوو درجات، فحذف المضاف، والمعنى: أن المؤمنين ذوو درجة رفيعة، والكافرين ذوو خسيسة.
قال ابن عباس: يعني أن من اتبع رضوانه ومن باء بسخط منه مختلفو المنازل عند الله، فلمن اتبع رضوانه الكرامة والثواب، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب.
وهذا قول الكلبي، قال: أهل الجنة بعضهم أفضل من بعض، وكل في فضل وكرامة، وأهل النار بعضهم أشد عذابا من بعض، وكل في عذاب وهوان.
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} آل عمران: ١٦٤ قوله: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} آل عمران: ١٦٤ أي: أنعم عليهم وأحسن إليهم، {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} آل عمران: ١٦٤ هذا خاص للعرب، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان من العرب، ولم يكن حي من أحياء العرب إلا وقد ولده وله فيهم نسب، غير بني تغلب، لأنهم كانوا نصارى، فطهره الله منهم.
ومعنى من أنفسهم: من نسبهم، قال ابن عباس: يريد: من نسبهم، وهو من ولد إسماعيل.
وهذا قول عائشة رضي الله عنها، لأنها قالت: هذا للعرب خاصة.
وقال آخرون: المراد به المؤمنون كلهم، ومعنى من أنفسهم: أنه واحد منهم يعرفونه ويعرفون نسبه، وليس بملك ولا أحد من غير بني آدم.
وهذا القول اختيار الزجاج، قال: لو كانت المنة فيه أنه من العرب لكان العجم لا منة عليهم، ولكن المنة فيه أنه قد خبر أمره وشأنه، وعلم صدقه بعد أن علموا أنه كان واحدا منهم، فكان أيسر عليهم معرفة أحواله من الصدق والأمانة.