وقوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} آل عمران: ١٧٣ يعني أبا سفيان وأصحابه، {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} آل عمران: ١٧٣ زادهم قول الناس لهم إيمانا، أي: تصديقا ويقينا.
قال الزجاج: زادهم ذلك التخويف ثبوتا في دينهم، وإقامة على نصرة نبيهم.
{وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} آل عمران: ١٧٣ أي: الذي يكفينا أمرهم الله، ونعم الوكيل أي: الموكول إليه الأمور، فعيل بمعنى مفعول.
قال ابن عباس: آخر كلام إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل.
وقال نبيكم مثلها، ثم قرأ هذه الآية.
قوله: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} آل عمران: ١٧٤ وذلك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج في أصحابه حتى وافوا بدر الصغرى، وكانت موضع سوق لهم يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام، فلم يلقوا أحدا من المشركين، ووافقوا السوق فباعوا واشتروا وربحوا، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين، فذلك قوله: فانقلبوا أي: انصرفوا، {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} آل عمران: ١٧٤ قال السدي ومجاهد: والنعمة ههنا: العافية، والفضل: التجارة.
وقوله {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} آل عمران: ١٧٤ أي: لم يصبهم قتل ولا جراح، {وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ} آل عمران: ١٧٤ في طاعة رسوله، {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} آل عمران: ١٧٤ تفضل على المؤمنين بما تفضل به.
وقوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} آل عمران: ١٧٥ أي: ذلك الذي يخوفكم أيها المؤمنون هو الشيطان، يوقع في قلوبكم الخوف من الكفار، وهو قوله: {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} آل عمران: ١٧٥ أي: يخوفكم بأوليائه وهم المشركون، فحذف المفعول الثاني وحرف الجر.
قال الفراء: ومثله قوله: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} غافر: ١٥ ومعناه: لينذركم بيوم التلاق، وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} الكهف: ٢ أي: لينذركم ببأس شديد.