كقوله تعالى: {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} الطلاق: ١٢ ، أي: لم يشذ عن علمه شيء.
وجاء فِي التفسير: والله مهلكهم، يقال: أحاط بفلان، إذا دنا هلاكه فهو محاط به.
قال الله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} الكهف: ٤٢ أي: أصابه ما أهلكه وأفسده، وقوله تعالى: {إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} يوسف: ٦٦ أي: تهلكوا جميعا.
وقوله: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} البقرة: ٢٠ : كاد: موضوع عند العرب لمقاربة الفعل، وكدت أفعل معناه عند العرب: قاربت الفعل ولم أفعل، وما كدت أفعل معناه: فعلت بعد إبطاء.
والخطف: أخذ باستلاب، يقال: خطف يخطف خطفا، ومنه الخطاف.
وهذه الآية من تمام التمثيل، والمعنى: يكاد ما فِي القرآن من الحجج النيرة يخطف قلوبهم من شدة إزعاجها إلى النظر فِي أمر دينهم، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} البقرة: ٢٠ البرق، {مَشَوْا فِيهِ} البقرة: ٢٠ لاهتدائهم إلى الطريق بضوء البرق، كذلك المنافقون كلما قرئ عليهم شيء من القرآن مما يحبون صدقوا، {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ} البقرة: ٢٠ الطريق، قاموا أي: وقفوا، كذلك المنافقون كلما سمعوا شيئا مما يكرهون وينكرون وقفوا عن تصديقه، وتم التمثيل ههنا ثم أوعدهم فقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} البقرة: ٢٠ أي: لو شاء الله لأصمهم وأعماهم فذهب بأسماعهم وأبصارهم الظاهرة حتى يصيروا صما عميا، كما ذهب بأسماعهم وبأبصارهم الباطنة، {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} البقرة: ٢٠ أي أنه ذو قدرة على إيقاع ما أوعدهم به، فليحذروا عاجل عقوبة الله وآجله.
{يَأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {٢١} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {٢٢} } البقرة: ٢١-٢٢ قوله: {يَأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} البقرة: ٢١ : يأيها الناس: عموم فِي كل مكلف من مؤمن وكافر، ويروى عن الحسن وعلقمة أن يأيها الناس خطاب لأهل مكة، ويأيها الذين آمنوا خطاب لأهل المدينة.
ومعنى اعبدوا ربكم: اخضعوا له بالطاعة، ولا يجوز ذلك إلا لمالك الأعيان.