ومعنى الآية: أن ولاية الله ونصرته إياكم تغنيكم عن غيره من هؤلاء اليهود ومن جرى مجراهم ممن تطمعون في نصرته.
قال الزجاج: أعلمهم الله تعالى أن عداوة اليهود وغيرهم من الكفار لا تضرهم شيئا، إذ ضمن لهم النصرة والولاية في قوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} النساء: ٤٥ .
{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا} النساء: ٤٦ قوله جل جلاله: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} النساء: ٤٦ أي: قوم أو فريق يحرفون الكلم، وهو جمع الكلمة.
قال الكلبي، ومقاتل: هم اليهود يغيرون صفة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزمانه ونبوته في كتابهم، ويقولون سمعنا: قولك، وعصينا: أمرك، {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} النساء: ٤٦ كانوا يقولون للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسمع، ويقولون في أنفسهم: لا سمعت.
وقوله: وراعنا: ذكرنا في { البقرة: أن هذا كان سبا بلغتهم، ومعنى ليا بألسنتهم أي: قلبا للكلام بها، وهو أنهم كانوا يحرفون راعنا عن طريق المراعاة إلى السب بالرعونة.
وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} سورة النساء: ٤٦ مكان قولهم سمعنا وعصينا، واسمع وانظرنا: بدل راعنا، {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} النساء: ٤٦ عند الله، وأقوم أي: أعدل وأصوب {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} النساء: ٤٦ أي: أبعدهم الله عن رحمته مجازاة لهم، {بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا} النساء: ٤٦ يعني بالقليل عبد الله بن سلام وأصحابه.
وقال السدي: القليل قولهم: الله ربنا، والجنة حق، والنار حق، فهذا قليل من إيمانهم.
قال الزجاج: والتقدير على هذا القول: فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا لا يجب أن يسموا مؤمنين.