يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ العدو فتيلا
قوله جل جلاله: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} النساء: ٥٠ هذا تعجيب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي قولهم: يكفر عنا ما نعمله، وكفى به أي: كفى هو يعني: افتراءهم، إثما مبينا وتأويل هذا: تعظيم إثمهم.
قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} النساء: ٥١ يعني: علماء اليهود الذين أعطوا علم أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} النساء: ٥١ كل معبود من دون الله فهو جبت.
قال ابن عباس في رواية عطية: الجبت: الأصنام، والطاغوت: تراجمة الأصنام الذين يكونون بين أيديهم يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس.
وفي رواية الوالبي: الجبت: الكاهن، والطاغوت: الساحر، وقال الكلبي: الجبت في هذه الآية: حيي بن أخطب، والطاغوت: كعب بن الأشرف، سميا بذلك لإغوائهما الناس ولطاعة اليهود لهما في معصية الله تعالى.
وقوله: {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا} النساء: ٥١ وذلك أن حُيَيًّا، وكعبا لقيا قريشا بالموسم فقال لهما المشركون: أنحن أهدى طريقا أم محمد وأصحابه؟ فقالا: بل أنتم أهدى سبيلا، وأقوم طريقا، وأحسن من الذين آمنوا دينا، وهما يعلمان أنهما كاذبان، حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه.
قال الزجاج: وهذا دليل على معاندة اليهود لأنهم زعموا أن المشركين الذين لا يصدقون بشيء من الكتب وعبدوا الأصنام أهدى طريقا من الذين يوافقونهم على كثير مما يصدقون به.
ثم أنزل الله فيهم قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} النساء: ٥٢ ناصرا ينصره، ومانعا من عذاب الله، ثم وصفهم بالبخل فقال: