جاءني القوم.
كذلك، فنصب مع النفي كما نصب مع الإيجاب، من حيث اجتماعهما في أن كل واحد منهما كلام تام.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} النساء: ٦٦ أي: ما يؤمرون به، {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} النساء: ٦٦ في دينهم وفي الآخرة، وأشد تثبيتا: تصديقا بأمر الله، أي: ذلك أشد تثبيتا منهم لأنفسهم في الدين.
وإذا لآتيناهم أي: لو فعلوا ما وعظوا به لآتيناهم، من لدنا مما لا يقدر عليه غيرنا، أجرا عظيما وهو الجنة.
{وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} النساء: ٦٨ قال ابن عباس: أرشدناهم إلى دين مستقيم، يريد: دين الحنيفية، لا دين اليهودية.
{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا {٦٩} ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا {٧٠} } النساء: ٦٩-٧٠ قوله عز وجل: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} النساء: ٦٩ الآية، قال السدي: إن ناسا من الأنصار قالوا: يا رسول الله إنك تسكن الجنة في أعلاها، ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع؟ فنزلت الآية.
وقال الشعبي: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبكي، فقال: ما يبكيك يا فلان؟ فقال: يا رسول الله بالله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلي من نفسي وأهلي ومالي وولدي، وإني لأذكرك وأنا في أهلي فيأخذني مثل الجنون حتى أراك، وذكرت موتي، وأنك ترفع مع النبيين، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك.
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا، فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ} النساء: ٦٩ أي: في الفرائض، والرسول أي: في السنن، فأولئك: يعني المطيعين، {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} النساء: ٦٩ أي: أنه يستمتع برؤية النبيين، وزيارتهم، والحضور معهم، فلا يتوهمن من أجل أنهم في أعلى عليين أنه لا يراهم.