قال ابن عباس: يريد قوما بمكة قد استضعفوا، فحبسوا وعذبوا.
قال: وكنت أنا وأمي من المستضعفين.
ولم يكن لهم قوة يمتنعون بها من المشركين، ولم يقدروا أن يهاجروا إلى المدينة فكانوا يدعون الله ويقولون: ربنا أخرجنا: إلى المدينة دار الهجرة، {مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} النساء: ٧٥ يعني مكة، الظالم أهلها يريد: جعلوا لله شركاء.
قال الزجاج: الظالم أهلها: نعت للقرية.
وإنما وحد الظالم لأنه صفة يقع موضع الفعل، يقال: مررت بالقرية الصالح أهلها.
أي: التي صلح أهلها، {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} النساء: ٧٥ وَلِّ علينا رجلا من المؤمنين يوالينا ويقوم بأمورنا، {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} النساء: ٧٥ ينصرنا على عدونا ويمنعنا منهم.
فاستجاب الله دعاءهم، وولى عليهم رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما فتحت مكة، عتاب بن أسيد فكان ينصف المظلوم من الظالم، والضعيف من الشديد.
قوله عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء: ٧٦ في نصرة دين الله، وهو سبيله الذي يؤدي إلى ثوابه ورحمته، والذين كفروا: يعني: المشركين واليهود والنصارى، {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} النساء: ٧٦ في طاعة الشيطان، {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} النساء: ٧٦ قال ابن عباس: يعني: عبدة الأصنام {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ} النساء: ٧٦ سعيه في إيقاع الضرر بالمؤمنين على جهة الاحتيال، كان ضعيفا يعني: خذلانه إياهم يوم قتلوا ببدر.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا {٧٧} أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا {٧٨} مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا {٧٩} مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا {٨٠} } النساء: ٧٧-٨٠ قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} النساء: ٧٧ الآية، نزلت الآية في نفر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم: عبد الرحمن بن عوف، والمقداد بن الأسود، وقدامة بن مظعون، وسعد بن أبي وقاص، كانوا يقولون